ذ.صالح أيت خزانة
يعيش العمل النقابي في هذه الأيام
لحظات احتضاره بعد أن تبث حسب الفحص السريري الذي أشرف عليه “خبراء” الشغيلة
التعليمية ، أنه يعاني من مرض مزمن لا يرجى شفاؤه !. فقد ابتلي بكائنات التَذتْ
الجلوس على “الكرسي” حتى التصقت به ، فما عادت تقوى على النضال وسط الصفوف، كما لم
تعد تطيق المغادرة بعد طول لبوث انكشفت خلاله عورتها، وبانت حقيقة نفاقها . لقد
ولى زمن النضال الشريف ، النبيل.. وحل زمن المتاجرة بذمم الشرفاء من ذوي النيات الحسنة
، والقلوب الطاهرة السليمة ، الملبية لنداء النزال: من الاحتجاج المسؤول إلى
التصعيد الزاحف … زمن أضحى فيه أسلوب ” السمسرة ” و”اتشلهيب”، سلعة رائجة ،
وسوقا قائمة ، يعتلي منابرها ” سماسرة ” يستلهمون الهمم الغافلة ، ويضحكون على
الأذقان السادرة في أثون الغفلة والإمعية…! بعض ” النقابيين ” في زماننا يا قوم ! منافقون من العيار الثقيل ؛ يدعون لشيء ويأتون
خلافه ، ويظهرون ظاهرا ودودا وديعا ، ويضمرون باطنا خرابا ، إلا من حب الكرسي
والمنصب .. تراهم بين ظهرانَي الشغيلة أُسُدا تزمجر بالوعد والوعيد ، وبين يدي
أولي نعمتهم نعامات ، تقتات من الفتات ، وترضى بالذل والهوان.. أرجلٌ تدب معك على
الأرض في ساحات المواجهة والنزال ، وقلوب معلقة بالكراسي والمناصب والامتيازات
المُحرَّمة . لقد عرفنا منهم الكثير ، وعاصرنا منهم – طيلة أزيد من ثمانية عشر
عاما من الممارسة الميدانية – نماذج ، وأصنافا
؛ فما ألفناهم إلا حريصين على تسلق درج المناصب والكراسي ، .مجتهدين في تخطي الرقاب ، وركوب الظهور ، والقفز على الجدران القصيرة ؛ فصاروا
إلى حيث هم الآن ، بعدما كانوا بيننا ولا حسد !! . فمنهم من ضل يناضل في صفوف
الشغيلة التعليمية لسنوات ، ولما طلبه “الكبار” للالتحاق بالرباط ، استحوذ على
أموال الانخراطات ، وفرَّ . وهو اليوم يتربع على كرسي المكتب السياسي لأحد الأحزاب
الكبيرة ، ويظهر بين الحين والآخر على شاشة التلفزيون يقدم دروسا في الديموقراطية
والنزاهة والمصداقية ، ويتهم خصومه السياسيين بالسرقة و”اتشلهيب” وو.. !! ومنهم من
ضل يتردد على سادته ، يقبِّل الأقدام والأكتاف ، حتى إذا ما مُكِّن من مبتغاه ؛
إدارةً مريحة في الوسط الحضري ، والتحاقَ زوجته به ؛ خرج ليرفع صوته ضد الزبونية
والمحسوبية الذي تعرفه الإدارة !! ومنهم من جمع شتات بعض الغاضبين على ” العرض النقابي
” الذي تقدمه بعض الإطارات النقابية الموجودة في إقليمه، وأخذ يخوض بهم “طواحينه
الهوائية” ضد النيابة وموظفيها ، وعندما قرر تسجيل “فرقعاته” النقابية أمام أسوار البناء العتيد للأكاديمية الجهوية ، تم احتواؤه ، بعد
أن اقتلعت مخالبه و أنيابه ؛ لينتهي به المطاف مكلفا بسيطا ، بملف فارغ من أية
شواهد ، في مكتب ضيق داخل الأكاديمية !! ومنهم من نزل من الجبل معلما بسيطا ؛
فأرغى وأزبد ، وصرخ وزمجر ؛ فكوفئ تفرغا مكَّنه من تعميق علاقاته بـ”الكبار” . و
حينما قرر هؤلاء الكبار “كركبته” ؛ هدد وتوعد ، وأضرب واعتصم ؛ فظهر واشتهر ؛ فكان
“جزاؤه” منصبا مريحا في المكتب الوطني لنقابته الحزبية “النزيهة جدا” !! ومنهم من
ابتدأ نزيف انسحابه من القسم منذ أصبح نقابيا معروفا ؛ ينطق فلا يشق له غبار.
فاستغل منصبه للتردد على أصحاب “الوقت والحال”
الذين مكنوه من “الانتصاب الصنمي” وسط السلطات التعليمية العليا ، التي غضت الطرف
عن “زبلاته” المسترسلة ، وشاركته جريمة “التفييض” في عز الخصاص الذي تشتكي منه المؤسسة الوطنية في الإقليم . وهاهو اليوم
رقم بدون صفة ، يتربع على عرش الأشباح ، ويأكل مما يأكل منه الرجال الأقحاح
!! ومنهم..ومنهم… فأضراب هؤلاء هم الذين استفاقوا اليوم
بعد أن اشتد قرع التأنيب على رؤوسهم ، وانفضح نفاقهم ، وبانت على الملإ حقيقتهم ،
وانفض الجمع من حولهم ؛ فأخذوا يتوسلون إلى الجماهير الغاضبة بجلد ” أولي نعمتهم
” ، والتنكر لمن كان يغدق عليهم الامتيازات
السخية في السراديب المظلمة بعيدا عن عيون الجماهير التي أعلتهم الكرسي الوثير
ليتكلموا باسمها ، وينافحوا دونها ، وبعيدا حتى عن ألصق المناضلين بهم من الذين
ثبت “تورطهم” في النزاهة والصّْدْقية والشَّرَافة ،
وخافوا على كراسيهم أن يقتعدها الشرفاء فيفقدوا “بزولة” الإدارة ، وتنكشف حقيقتهم
للجماهير ؛ فيصيروا إلى مزبلة التاريخ ملعونين !! وأمثال هؤلاء هم الذين يجلسون
إلى الحكومة خلال جولات الحوار الاجتماعي ليقرروا في مصائر و مطالب الشغيلة
العاملة المناضلة ، وينوبوا عنها في إبرام “وثيقة الاستسلام”، مقابل “مساعدات”
تقدر بعدة ملايين من الدراهم ، و”مصادقات” سترهن حاضر ومستقبل الشغيلة التعليمية ،
و”توافقات” حول أشياء أخرى ستكشف عنها المراسيم التنظيمية و المذكرات الوزارية
التي ستنزل على رؤوس الشغيلة التعليمية نارا تلظى.(القانون التنظيمي للإضراب). لقد
انقلب القوم غير القوم ، والخطاب غير الخطاب، بعد أن عرفت الامتيازات طريقها إلى
أصحابنا كمبلغ لـ” صمت الشجعان” ، تخنس بعده الألسن، وترق القلوب المكلومة بلظى
الاحتجاج ، لتموت غيظا بعد أن بانت فصول المسرحية التي أجاد “مناضلو الأرائك ،
والفرش الناعمة” ، و”الغرف المكيَّفة” ، والمؤتمرات المخدومة؛ حبْك فصولها ،
وتوزيع أدوارها ،في دهاء وخبث، بين الكتاب الإقليميين ، والجهويين ، و “الوطنيين”
حتى، للدكاكين “الأكثر ثمثيلية” الذين رفعوا أيديهم من
الأيدي الطاهرة التي بايعتهم على النضال والصمود في المنشط والمكره .. ومحاوروهم
الذين ظلوا يُنعتون في بياناتهم ، وخلال وقفاتهم الناقمة المنتقمة ؛ بلوبيات
الفساد ، والطغمات المتعفنة ، وأصحاب الضيعات المستفردون بالقرار … وما إلى ذلك من
تلك الأسطوانة المشروخة التي لم تعد تنطلي على أحد . لقد انتهت هذه الدكاكين إلى
“سُعاة” تستجدي اليد الحنون للحكومة فُتاتا تستقوي به أمام الأنصار الذين بدأوا
ينفضون من حولها زرافات وَوِحْدانا ، حتى ماكاد “يثق” فيها إلا ذوي المصالح من
“السماسرية” و”المقزدرين” الذين يعود إليهم الوزر في ما آلت إليه الأوضاع
التعليمية بهذا البلد الحبيب . فأضحت ، بفعل الخمول والكسل والركون إلى فتات ما
تجود به الحكومة في حواراتها المشروطة تحت قاعدة ماسمي – زورا- بالسلم الاجتماعي ؛
إطارات مهترئة ، مترهلة ، خاوية على عروشها ، لا يكاد يجاوز رصيدها النضالي بيانات
وبلاغات يتيمة يصوغها أصحاب “الكروش المنتفخة” بفعل التفرغ الفارغ ، في السراديب
المظلمة بعيدا عن القواعد المتنقبة التي ما عادت تثق فيمن صفقت له بالأمس القريب ،
وأعْلَتْهُ الكرسي الوثير لينقلب عليها ، ويتنكر لوعوده والتزاماته التي كان يصدع
بها ، أيام “المشماش” ، في خطبه العنترية!!… *********** فتحية إكبار وإجلال لكل
المناضلين الشرفاء في هذا البلد الحبيب .. ! وتحية صادقة لكل الذين ثاروا ضد
مكاتبهم “المطبوخة” ، واستنكروا مهزلة “البيع والشراء”،
وواصلوا النضال المستميت ضد جيوب الفساد الرابض في دهاليز إطاراتهم النقابية..
وتحية لكل المناضلين الشرفاء الذين كانوا ضحية رفضهم لهذه المهازل ؛ فطُردوا من
إطاراتهم التي بنوها على أعينهم ، وشيدوا صرحها العنيد بأيديهم ؛ فكانوا ضحية
“عنادهم” المستميت ، فانتهوا إلى ساحة الشرافة والصدق ؛ نجوما تتلألأ.. وتحية عز
وإباء لكل النزهاء الصادقين الذين يعانون في صمت داخل إطاراتهم النقابية الحزبية ،
بعد أن رفضوا أن يكونوا مجرد أصوات تقيم أَوَدَ “حزب نقابتهم” العتيد ، وأدرعا
تحمي ظهر أحزاب شاخت عن زمانها ، فما عادت تقوى على النهوض بلهَ النضال والصمود
.. ! وتحية ود واحترام للأخفياء الأنقياء الذين إذا
حضروا لم يُعْرَفوا ، وإذا غابوا لم يُفتقدوا ، قلوبهم موائل الكرامة والحرية
والبسالة .. ! و تحية لكل الذين قالوا بملء قلوبهم قبل ألسنتهم : لا للظلم.. لا
للفساد ..لا لمدبري الأزمة من مفسدي ومفسدات قطاع ” العلم والتربية”.. ! وتحية
إجلال وتقدير لكل النقابيين الذين واصلوا العطاء والجد والتفاني داخل مقرات عملهم ،
ورفضوا كل الامتيازات المحرمة ، واستعاضوا عنها بما يربحونه في نفوسهم وذويهم من
ثمرات التفاني والإخلاص ؛ صحة في البدن ، وصلاحا في الأهل ، وهناء في البال ،
وتقديرا عند الناس… !! تحية لكم ، يا من أشاهدكم وأنتم تخرجون من رحم المستقبل
القريب..تحملون فؤوس الحق والصمود ، تهدمون بها عروش الفساد المنتصب في ربوع
إطاراتكم “العتيدة” ، وتبنون على أنقاضها صروح الحق و القوة والصدق… ! تحية لكم ،
تحية .. فأنتم المعوَّل عليكم –لا على سواكم- في توزيع رغيف “النضال الصادق ” على
أنفس جوعى بانتزاع الحق ، جامحة لهدم أصنام الباطل .. فعليكم مني السلام .. وكل
نضال وأنتم على موعد.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire