ينشر موقع شبيبة
النهج الديمقراطي شهادة للفاعل السياسي ابوبكر الخمليشي حول المحاكمة التي يتعرض
لها إلى جانب الناشطة المعتقلة وفاء شرف، وهي شهادة تحكي أحداث وتفاصيل تنشر لأول
مرة:
حالة وفاء شرف : لقد جاؤوا يوم الخميس 10 يوليوز على الساعة الخامسة مساءا، عرفت أنهم قد أتوا لاعتقالي هذه المرة. لم يكن لدي الوقت الكافي سوى للاتصال بزوجتي و المحامي من أجل اخبارهم باعتقالي.
نزلت الدرج، كانوا على الاقل 6 أشخاص يحاصرون باب المنزل من جميع الجهات، وقد شهر بعضهم الكامرات والات التصوير في وجهي كما لو أنهم بصدد اعتقال أحد أخطر الارهابيين بالبلاد. دعوني لمرافقتهم إلى مركز الشرطة، لكنني رفضت ذلك. وبعدها أخبروني بأن لديهم أمر باعتقالي. صعدت احدى سيارات الشرطة العديدة التي احضروها، و اقتادوني الى المقر المركزي لمفوضية الشرطة حيث بدأوا التحقيق.
لقد سبق لعناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أن حضروا مرتين إلى منزلي مصحوبين باستدعاء للادلاء بإفادتي في مقر مفوضية الشرطة، الشئ الذي رفضته قطعا. اولا لأنه لم يكن لدي ما أدلي به بخصوص موضوع اختطاف وفاء، و ثانيا نظرا للسببين الأساسيين التاليين:
لم أنس أبدا يوم اعتقالي في 6 نونبر 1985 من طرف نفس الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي استعملت كافة أساليب التعذيب المادي و المعنوي، و التي راكمت خلال ما سمي بسنوات الرصاص جرائم قتل وتعذيب عديدة ضد الاف المناضلات و المناضلين من أجل تحرر شعبنا. و إلى حدود يومنا هذا، لم يتم قط مساءلة أي من المجرمين و الجلادين المسؤولين عن هذه الجرائم ولم يحاكم أي منهم.
يوم 13 يونيو، شاهدت الحالة الحرجة التي صارت عليها المناضلة الشابة وفاء في غرفة الانتظار بمستعجلات مستشفى محمد الخامس بطنجة. و قد كانت محاصرة بعناصر الشرطة كما كانت تتعرض إلى جانب عائلتها لسلسلة من الاستنطاقات المطولة، التي كان الهدف الوحيد منها ارغامها على تغيير شهادتها و الاقرار بأن الشكاية التي تقدمت بها كانت كاذبة.
وقد شاءت الصدفة أن توضع وفاء على نفس السرير الذي وضع عليه موسى سيك منذ أشهر، و بالضبط في شهر أكتوبر من سنة 2013. هذا المهاجر السنغالي الشاب ذي 22 ربيعا، الذي قضى نحبه اثر تدخل دام للشرطة ضد المهاجرين من جنوب الصحراء في حي بوخالف بطنجة. والذي تعرض للرمي من شرفة الغرفة التي كان يكتريها بالطابق الرابع، حسب شهادة زميله في الغرفة الفا باري. و الذي نقل إلى المستعجلات على الساعة التاسعة و النصف صباحا حيث ظل ينتظر العلاج حتى الساعة الثانية عشر و النصف زوالا. كيف يمكن لشخص سقط من الطابق الرابع الانتظار لأكثر من 3 ساعات ليتم اسعافه.
عندما وصلت للمستشفى على الساعة الحادية عشر صباحا مع أصدقاء موسى، توجهت لرئيس قسم المستعجلات من أجل التأكيد على ضرورة التدخل العاجل. و كان جوابه هو: "من أنت لتعطيني الأوامر؟" أجبته أنني عضو بالجمعية المغربية لحقوق الانسان. و بعد نقاش مطول معه، أخذت أربع صور للدقائق الاربع الاخيرة من حياة موسى السيك و ذهبت مع أصدقائه لاخبار السفارة السنغالية. أثناء ذلك، تلقينا اتصالا هاتفيا يخبرنا بوفاة هذا الشاب.
كان على وفاء أن تنتظر أكثر من ساعة لحضور الطبيب. وقد حاولنا نقلها إلى مصحة خاصة لكن عناصر الشرطة منعونا من ذلك. و بعد اصرارنا على ضرورة تدخل طبيب نفساني لمعاينتها، أكدوا لنا أنه سيحضر في أقل من نصف ساعة. وفي النهاية، وعلى عكس المتوقع، حضر رئيس قسم المستعجلات، وهو نفس الشخص الذي خضت معه سجالا بخصوص موسى سيك، و شرح لنا بأن حالة وفاء ليست جزءا من تخصصاته، و بأنها مهددة بخطر الانتحار في أية لحظة.
تساءلت: لماذا لم تأخذ الفرقة الوطنية الفتاة إلى مستشفى نفساني عوض قسم المستعجلات الذي لم يكن مخصصا لذلك.
انذاك، بدأنا بالتفكير في ضرورة اخذها إلى طبيب نفساني، اخذا بعين الاعتبار الوسائل الجديدة التي نهجتها للفرقة الوطنية للشرطة القضائية خلال استنطاقها، حيث حاولت اضعافها نفسيا من أجل اجبارها على سحب شكايتها.
بدأت حالة وفاء يوم السبت 27 أبريل 2014 عند حوالي الساعة السابعة و النصف مساءا، عقب انتهاء تظاهرة عمالية شهدت نجاحا كبيرا و مشاركة أكثر من 300 من العاملات و العمال، و التي كان لوفاء دور أساسي في نجاحها. كنت مع زوجتي و بعض أصدقائي، ودعنا وفاء التي كانت عائدة إلى منزلها، و توجهنا إلى مركز المدينة. و عند عودتنا للمنزل مساءا، اتصلت بها لتهنئتها على مجهودها الكبير خلال التظاهرة، لكنها حكت لي و الدموع تنهمر من عينيها عن اختطافها و تعرضها للتعنيف. توجهت على الفور إلى منزلها، و اتصلت خلال طريقي مع رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الانسان و الرفاق في النهج الديمقراطي. وعند وصولي، وجدتها في حالة يرثى لها. بعد ذلك، اخذناها إلى قسم المستعجلات بمستشفى محمد الخامس، حيث تم حقنها بمهدئات و وصفوا لها دواءا اشتريناه من احدى صيدليات الحراسة.
وبأمكان أعضاء الجمعية المغربية لحقوق الانسان و الرفاق الاخرين الذين عاينوها و اتصلوا بها تلك الليلة أن يؤكدوا الحالة الحرجة التي كانت عليها وفاء بعد تلك الواقعة.
يوم الاثنين 29 أبريل، توجهت وفاء إلي مستشفى محمد الخامس مصحوبة بعضو من الجمعية المغربية لحقوق الانسان من أجل الحصول على شهادة طبية. و بعد ذلك اتصلت بمحامي الجمعية و وضعت شكاية ضد مجهول لدى وكيل الملك.
هكذا بدأت محنة وفاء وعائلتها: بما أن الحكومة أرادت أن تظهر أنه لم يعد بالمغرب أية اختطافات أو انتهاكات حقوق الانسان، صارت وفاء كبش الفداء لهذه السياسة.
عينت فرقة وطنية متخصصة بشكاية وفاء من أجل إتباث براءة الدولة المغربية. وقد تركز التحقيق على تصريحات الضحية و عائلتها، دون الاخذ بعين الاعتبار الشهادة الطبية الصادرة عن مؤسسة طبية رسمية و التي حددت مدة العجز الذي تعانيه وفاء في 12 يوم.
وقد تعرضت الضحية و جميع أعضاء عائلتها، بما فيهم أختها ذات 12 سنة، للاستنطاق لأكثر من 5 ساعات. وقد جعلوا من الضحية المتهمة الاساسية اعتمادا على تناقض تصريحات أعضاء عائلتها. وخلال هذه الاستنطاقات، تعرضت وفاء لأزمات حادة، تطلبت نقلها للمستعجلات بمستشفى محمد الخامس.
شهد يوم الاحد 22 يونيو تنظيم اليوم النضالي العمالي الرابع لمجلس عاملات و عمال طنجة الذي عرف نجاحا أكبر من سابقه. و قد سبق لوفاء أن أخبرتني ليلتها أنها لا تريد المشاركة في التظاهرة خوفا من عناصر الفرقة الوطنية، لكنني قلت لها بالحرف: كلنا نحس بالخوف، لكن المهم ألا نظهر خوفنا للعدو. وقد حضرت رغم ذلك للمشاركة في التظاهرة، لكنني أخذتها في سيارتي لمنزلها عند الانتهاء هذه المرة.
وقد اتصلت في نفس اليوم برفيقي الجعيدي، الدكتور النفساني، لأخذ موعد معه من أجل وفاء، وقد حدد لها تاريخ الزيارة يوم 24 يونيو على الساعة العاشرة صباحا.
لكن في يوم الاثنين 23 يونيو، تلقيت اتصالا من جوانا، المتطوعة السويسرية التي تنشط معنا في الشبكة، اخبرتني أن وفاء قد تعرضت لأزمة حادة بمقر الجمعية، و أنه يتوجب علي الحضور. و عند وصولي للجمعية، وجدت وفاء في حالة حرجة، فاقدة للوعي. و قد أخبرتني صديقتها بأن السبب هو تسلمها لاستدعاء الفرقة الوطنية للشرطة القضائية الذي كان مايزال موضوعا فوق الطاولة. اصطحبتها مجددا للمستعجلات حيث اعطوها الحقنة المعتادة، ثم اخذتها إلى منزلي حتى ترتاح، لأنني لم أستطع اخذها لمنزلها في تلك الحالة، و اخذا بعين الاعتبار عائلتها.
وقد جاء الرفاق الاخرون على الفور، حيث اقترحوا علي أخذ وفاء للعلاج بمصحة خاصة عوض الطبيب النفساني الجعيدي، لأن هذا الأخير عضو في تنظيمنا. لذلك، اصطحبوا وفاء إلى مصحة فال فلوري، أمام مستشفى محمد الخامس. وبما أننا لم نود اخبار عائلتها، قلنا لهم أنها تعالج في مصحة بمدينة تطوان.
أمضت وفاء 3 أيام بالمصحة، حيث تابع حالتها الطبيب النفساني الصالحي. وقد تعرضت للعديد من النوبات، و اظن أن كل ذلك مسجل بملفها الطبي بالمصحة. في النهاية، نصحها الطبيب النفساني بالعودة إلى المنزل، و حدد لها مواعيد بعيادته كل ثلاثة أيام من أجل متابعة علاجها.
وقد ارسلت لها الفرقة الوطنية استدعاء اخر للاستنطاق بمفوضية الشرطة. وعند توجه أبيها للمفوضية من أجل تقديم شهادة طبية، مسلمة من طرف الدكتور الصالحي، تؤكد أن حالة وفاء لاتمكنها من الخضوع للاستنطاق. انتقلت عناصر من الفرقة الوطنية إلى منزلها، و أحضروها بالقوة، حيث تم سحلها اثناء انزالها من على السلالم وتعرضت لأزمة أثناء الطريق إلى المفوضية، حيث اضطروا إلى اصطحابها إلى مستشفى الامراض النفسية لطنجة الذي مكثت به بضعة ساعات قبل أن يتم اقتيادها إلى مفوضية الشرطة حيث اعتقلت لثلاثة أيام.
في يوم الخميس 10 يوليوز، عندما تم اعتقالي، لم أكن أعرف شيئا عن وضعية وفاء. وخلال التحقيق معي، تفاجأت عندما سألوني إذا ما كنت انا الذي قلت لوالديها، المسنين و اللذان يعانيان مع مشاكل ابنتهما، أن يذهبا عندها يوم 13 يونيو و أن يتكلفا بإعادتها إلى المنزل عندما كانت في حالة حرجة، طريحة الفراش ومحاطة بالعديد من عناصر الشرطة الذين بم يكونوا ليحسوا بالالام التي يعانيها والديها، لأنهم عاشوا معاناة الضحايا كمصاصي الدماء.
خلال التحقيق، قمت بالاجابة عن بعض الاسئلة و لم أجب عن البعض الاخر. لقد كنت أريد معرفة وضعية وفاء. أخيرا، فهمت أنه لم يكن بحوزتهم شئ غير تناقضات تصريحات أفراد عائلتها. تذكرت حينها تقنيات التواصل التي طبقناها في العديد من الورشات بالجمعية: كنا نشكل دائرة مكونة من عشرة أشخاص، كان الاول يكتب قصة صغيرة، ثم يحكيها في أذن الثاني، الذي يحكيها في أذن الثالث وهكذا دواليك.. و عندما تصل القصة إلى اخر شخص، يقوم بكتابتها وقراءتها: كانت القصة النهائية مختلفة تماما عن القصة الأصلية.
وعند نهاية التحقيق رفضت التوقيع على تصريحاتي. عندها، قام رئيس المفوضية، بعصبية شديدة، بإبلاغي أنني قيد الاعتقال، حينها أجبته دون تردد: أنا أعلن عن دخولي في اضراب عن الطعام، و الدواء و الماء. بعد ذلك انزلوني إلى زنزانة بالطابق السفلي من المفوضية.
مع كثرة الامراض التي أعاني منها (السكري، ازمات قلبية، ...)كنت معرضا لخطر كبير. لكن ما تعلمته من محمد بن عبد الكريم الخطابي، من غاندي و محرري الشعوب الاخرين، هو أن في حياة الانسان لحظات تكون فيها كرامة الشخص أهم شئ، و أنا لم أكن لأقبل باعتقالي دون أي سبب. لقد كنت دائما أتضامن مع المستغلين، مع الضحايا، ...، و هذه المرة سأكون متضامنا مع وفاء ومع نفسي، باعتبارنا ضحيتين من ضحايا هذا النظام المخزني. لقد كنت واعيا بخطورة قراري.
وفي الزنزانة، أعطوني غطاءين، فرشت الاول و وجعلت من الثاني وسادة أضع عليها رأسي. لكن أحد لم يتمكن من النوم بسب الضجيج القوي و المتواصل، خصوصا بسبب الضوضاء التي تحدثها المفاتي التي تغلق الابواب كل 5 او 10 دقائق. لقد كانت هذه الليلة ذكرى حزينة من السنوات الست التي أمضيتها في السجن.
ممددا دون حراك، فكرت في أبنائي: كانت غادة بالغة و مستقلة، أمين في السنة الجامعية الرابعة و هما معا ناضجين بما يكفي للاعتناء بنفسيهما. لقد كنت قلقا على وجه الخصوص على صديق الذي يبلغ 9 سنوات من العمر، و الذي ما يزال بحاجة للسند. لكنني فكرت أنه في كافة أرجاء العالم، يوجد الاف الاطفال اليتامى و المتخلى عنهم على قيد الحياة ، ورغم أن لابني الصغير ام و اخ و اخت و عائلة رائعة، رغم كل هذا، فقد قلقت عليه.
فيما بعد، سمعت عويل امرأة تصرخ كحيوان جريح. ظننت أنها وفاء، و بدأت أناديها، مرات عديدة، دون أن تجيب. فقلت لنها ليست هي
كانت الليلة طويلة، فكرت في طيش المفوضية: لم يكونوا مدركين بأن شخصا يعاني من امراض القلب والسكري قد يفارق الحياة في مثل هذه الظروف. كنت أغير وضعي من وقت لاخر، بعد ذلك طلع الصباح، و بدؤوا في مناداة المعتقلين من أجل اخذهم إلى المحكمة. كانت حالتي أكثر حساسية و تطلب الأمر الانتظار إلى ما بعد الزوال.
عندما صعدت إلى شاحنة الشرطة، رأيت وفاء يقودها شرطيين. منهكة القوى، ومنحنية الظهر، و تبدوا عليها الام كثيرة، أخبرتني أنهم لم يسمحوا لها بأخذ الادوية التي وصفها لها الدكتور الصالحي. بعد ذلك فرقوا بيننا ولم أتمكن من التحدث اليها.
لقد ذكرتني حالتها بما عشته نهاية شهر نونبر من سنة 1985، عندما نقلونا، أنا و 25 معتقلا اخر، إلى مركز التعذيب الشهير درب مولاي الشريف، حيث تلقينا خلال أكثر من شهر صنوفا مختلفة من التعذيب المادي و المعنوي، وكنا معصوبي الأعين و معزولين. قدمونا إلى القاضي ونحن متجرلون و في حالة لا يمكن وصفها. لكنني كنت على يقين أن التقنيات الجديدة التي استعملوها مع المناضلة وفاء كانت أكثر عنفا و إجراما.
عندما سنحت لي الفرصة في قاعة االانتظار عند وكيل الملك، عانقتها بقوة، وقالت لي انها لم تأكل شيئا منذ ثلاثة أيام. لقد كانت بمثابة ابنتي، عرفتها خلال مظاهرات حركة 20 فبراير2011، التي تعرفت خلالها على تنظيمنا "النهج الديمقراطي" و انظمت اليه. منذ ذاك الوقت و نحن معا في النضال من اجل حقوق و حرية شعبنا.
لقد كانت دائما أحب سماع الشعارات خلال مسيرات حركة 20 فبراير، وبعذ ذلك خلال المظاهرات العمالية.
نادوني للخروج، كان في الخارج 10 محامين، جميعهم أصدقاء مقربون أمضيت معهم سنوات من النضال. قمت بتحيتهم واحدا واحدا، بعد ذلك أدخلونا إلى مكتب المدعي العام، حيث أكدت وفاء شكايتها وتعرضها للتعذيب، كما أكدت من جهتي على تضامني معها و قلت بأن اعتقالي هو اعتقال سياسي، وهذا هو سبب دخولي في اضراب عن الطعام و الماء والدواء. وقد اشار المحامون إلى حالة وفاء الحرجة.
و في انتظار توجيهات وزير العدل، اخذونا إلى ردهة الانتظار، في حين اقتيدت وفاء إلى زاوية معزولة. دعاني أصدقائي المحامون للأكل، كنت ضعيفا، حيث أن الاربعة و عشرون ساعة من الاضراب احدثت مفعولها، لم ادرك كيف خرجت، لم اتمكن من الاعتراض و تناولت دون تفكير ثلاث حبات تمر أعطوها الي.
بعد لحظات دخل العديد من الاصدقاء. لقد نظموا تظاهرة أمام مفوضية الشرطة و أمام المحكمة، منذ مساء اعتقالي، فقمت بتحيتهم واحدا واحدا. لقد غمرني احساسا رائع بحرارة و تضامن رفاق النضال.
و قد عرضونا بعد ذلك على وكيل الملك، الذي القى علينا نفس الاسئلة، و عدنا لردهة الانتظار.
بعد قليل، خرجت في اطار اطلاق سراح مشروط، و تم اقتياد وفاء إلى السجن. عند خروجي، وجدت أمامي العديد من الوجوه المألوفة، فرحة من أجلي، لكنها كانت حزينة لاعتقال وفاء. لكن ما فاجأني أكثر و أثر في، هو دموع ربيعة الفتوح، رفيقة سعيدة المنبهي في الزنزازنة.
حالة وفاء شرف : لقد جاؤوا يوم الخميس 10 يوليوز على الساعة الخامسة مساءا، عرفت أنهم قد أتوا لاعتقالي هذه المرة. لم يكن لدي الوقت الكافي سوى للاتصال بزوجتي و المحامي من أجل اخبارهم باعتقالي.
نزلت الدرج، كانوا على الاقل 6 أشخاص يحاصرون باب المنزل من جميع الجهات، وقد شهر بعضهم الكامرات والات التصوير في وجهي كما لو أنهم بصدد اعتقال أحد أخطر الارهابيين بالبلاد. دعوني لمرافقتهم إلى مركز الشرطة، لكنني رفضت ذلك. وبعدها أخبروني بأن لديهم أمر باعتقالي. صعدت احدى سيارات الشرطة العديدة التي احضروها، و اقتادوني الى المقر المركزي لمفوضية الشرطة حيث بدأوا التحقيق.
لقد سبق لعناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أن حضروا مرتين إلى منزلي مصحوبين باستدعاء للادلاء بإفادتي في مقر مفوضية الشرطة، الشئ الذي رفضته قطعا. اولا لأنه لم يكن لدي ما أدلي به بخصوص موضوع اختطاف وفاء، و ثانيا نظرا للسببين الأساسيين التاليين:
لم أنس أبدا يوم اعتقالي في 6 نونبر 1985 من طرف نفس الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي استعملت كافة أساليب التعذيب المادي و المعنوي، و التي راكمت خلال ما سمي بسنوات الرصاص جرائم قتل وتعذيب عديدة ضد الاف المناضلات و المناضلين من أجل تحرر شعبنا. و إلى حدود يومنا هذا، لم يتم قط مساءلة أي من المجرمين و الجلادين المسؤولين عن هذه الجرائم ولم يحاكم أي منهم.
يوم 13 يونيو، شاهدت الحالة الحرجة التي صارت عليها المناضلة الشابة وفاء في غرفة الانتظار بمستعجلات مستشفى محمد الخامس بطنجة. و قد كانت محاصرة بعناصر الشرطة كما كانت تتعرض إلى جانب عائلتها لسلسلة من الاستنطاقات المطولة، التي كان الهدف الوحيد منها ارغامها على تغيير شهادتها و الاقرار بأن الشكاية التي تقدمت بها كانت كاذبة.
وقد شاءت الصدفة أن توضع وفاء على نفس السرير الذي وضع عليه موسى سيك منذ أشهر، و بالضبط في شهر أكتوبر من سنة 2013. هذا المهاجر السنغالي الشاب ذي 22 ربيعا، الذي قضى نحبه اثر تدخل دام للشرطة ضد المهاجرين من جنوب الصحراء في حي بوخالف بطنجة. والذي تعرض للرمي من شرفة الغرفة التي كان يكتريها بالطابق الرابع، حسب شهادة زميله في الغرفة الفا باري. و الذي نقل إلى المستعجلات على الساعة التاسعة و النصف صباحا حيث ظل ينتظر العلاج حتى الساعة الثانية عشر و النصف زوالا. كيف يمكن لشخص سقط من الطابق الرابع الانتظار لأكثر من 3 ساعات ليتم اسعافه.
عندما وصلت للمستشفى على الساعة الحادية عشر صباحا مع أصدقاء موسى، توجهت لرئيس قسم المستعجلات من أجل التأكيد على ضرورة التدخل العاجل. و كان جوابه هو: "من أنت لتعطيني الأوامر؟" أجبته أنني عضو بالجمعية المغربية لحقوق الانسان. و بعد نقاش مطول معه، أخذت أربع صور للدقائق الاربع الاخيرة من حياة موسى السيك و ذهبت مع أصدقائه لاخبار السفارة السنغالية. أثناء ذلك، تلقينا اتصالا هاتفيا يخبرنا بوفاة هذا الشاب.
كان على وفاء أن تنتظر أكثر من ساعة لحضور الطبيب. وقد حاولنا نقلها إلى مصحة خاصة لكن عناصر الشرطة منعونا من ذلك. و بعد اصرارنا على ضرورة تدخل طبيب نفساني لمعاينتها، أكدوا لنا أنه سيحضر في أقل من نصف ساعة. وفي النهاية، وعلى عكس المتوقع، حضر رئيس قسم المستعجلات، وهو نفس الشخص الذي خضت معه سجالا بخصوص موسى سيك، و شرح لنا بأن حالة وفاء ليست جزءا من تخصصاته، و بأنها مهددة بخطر الانتحار في أية لحظة.
تساءلت: لماذا لم تأخذ الفرقة الوطنية الفتاة إلى مستشفى نفساني عوض قسم المستعجلات الذي لم يكن مخصصا لذلك.
انذاك، بدأنا بالتفكير في ضرورة اخذها إلى طبيب نفساني، اخذا بعين الاعتبار الوسائل الجديدة التي نهجتها للفرقة الوطنية للشرطة القضائية خلال استنطاقها، حيث حاولت اضعافها نفسيا من أجل اجبارها على سحب شكايتها.
بدأت حالة وفاء يوم السبت 27 أبريل 2014 عند حوالي الساعة السابعة و النصف مساءا، عقب انتهاء تظاهرة عمالية شهدت نجاحا كبيرا و مشاركة أكثر من 300 من العاملات و العمال، و التي كان لوفاء دور أساسي في نجاحها. كنت مع زوجتي و بعض أصدقائي، ودعنا وفاء التي كانت عائدة إلى منزلها، و توجهنا إلى مركز المدينة. و عند عودتنا للمنزل مساءا، اتصلت بها لتهنئتها على مجهودها الكبير خلال التظاهرة، لكنها حكت لي و الدموع تنهمر من عينيها عن اختطافها و تعرضها للتعنيف. توجهت على الفور إلى منزلها، و اتصلت خلال طريقي مع رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الانسان و الرفاق في النهج الديمقراطي. وعند وصولي، وجدتها في حالة يرثى لها. بعد ذلك، اخذناها إلى قسم المستعجلات بمستشفى محمد الخامس، حيث تم حقنها بمهدئات و وصفوا لها دواءا اشتريناه من احدى صيدليات الحراسة.
وبأمكان أعضاء الجمعية المغربية لحقوق الانسان و الرفاق الاخرين الذين عاينوها و اتصلوا بها تلك الليلة أن يؤكدوا الحالة الحرجة التي كانت عليها وفاء بعد تلك الواقعة.
يوم الاثنين 29 أبريل، توجهت وفاء إلي مستشفى محمد الخامس مصحوبة بعضو من الجمعية المغربية لحقوق الانسان من أجل الحصول على شهادة طبية. و بعد ذلك اتصلت بمحامي الجمعية و وضعت شكاية ضد مجهول لدى وكيل الملك.
هكذا بدأت محنة وفاء وعائلتها: بما أن الحكومة أرادت أن تظهر أنه لم يعد بالمغرب أية اختطافات أو انتهاكات حقوق الانسان، صارت وفاء كبش الفداء لهذه السياسة.
عينت فرقة وطنية متخصصة بشكاية وفاء من أجل إتباث براءة الدولة المغربية. وقد تركز التحقيق على تصريحات الضحية و عائلتها، دون الاخذ بعين الاعتبار الشهادة الطبية الصادرة عن مؤسسة طبية رسمية و التي حددت مدة العجز الذي تعانيه وفاء في 12 يوم.
وقد تعرضت الضحية و جميع أعضاء عائلتها، بما فيهم أختها ذات 12 سنة، للاستنطاق لأكثر من 5 ساعات. وقد جعلوا من الضحية المتهمة الاساسية اعتمادا على تناقض تصريحات أعضاء عائلتها. وخلال هذه الاستنطاقات، تعرضت وفاء لأزمات حادة، تطلبت نقلها للمستعجلات بمستشفى محمد الخامس.
شهد يوم الاحد 22 يونيو تنظيم اليوم النضالي العمالي الرابع لمجلس عاملات و عمال طنجة الذي عرف نجاحا أكبر من سابقه. و قد سبق لوفاء أن أخبرتني ليلتها أنها لا تريد المشاركة في التظاهرة خوفا من عناصر الفرقة الوطنية، لكنني قلت لها بالحرف: كلنا نحس بالخوف، لكن المهم ألا نظهر خوفنا للعدو. وقد حضرت رغم ذلك للمشاركة في التظاهرة، لكنني أخذتها في سيارتي لمنزلها عند الانتهاء هذه المرة.
وقد اتصلت في نفس اليوم برفيقي الجعيدي، الدكتور النفساني، لأخذ موعد معه من أجل وفاء، وقد حدد لها تاريخ الزيارة يوم 24 يونيو على الساعة العاشرة صباحا.
لكن في يوم الاثنين 23 يونيو، تلقيت اتصالا من جوانا، المتطوعة السويسرية التي تنشط معنا في الشبكة، اخبرتني أن وفاء قد تعرضت لأزمة حادة بمقر الجمعية، و أنه يتوجب علي الحضور. و عند وصولي للجمعية، وجدت وفاء في حالة حرجة، فاقدة للوعي. و قد أخبرتني صديقتها بأن السبب هو تسلمها لاستدعاء الفرقة الوطنية للشرطة القضائية الذي كان مايزال موضوعا فوق الطاولة. اصطحبتها مجددا للمستعجلات حيث اعطوها الحقنة المعتادة، ثم اخذتها إلى منزلي حتى ترتاح، لأنني لم أستطع اخذها لمنزلها في تلك الحالة، و اخذا بعين الاعتبار عائلتها.
وقد جاء الرفاق الاخرون على الفور، حيث اقترحوا علي أخذ وفاء للعلاج بمصحة خاصة عوض الطبيب النفساني الجعيدي، لأن هذا الأخير عضو في تنظيمنا. لذلك، اصطحبوا وفاء إلى مصحة فال فلوري، أمام مستشفى محمد الخامس. وبما أننا لم نود اخبار عائلتها، قلنا لهم أنها تعالج في مصحة بمدينة تطوان.
أمضت وفاء 3 أيام بالمصحة، حيث تابع حالتها الطبيب النفساني الصالحي. وقد تعرضت للعديد من النوبات، و اظن أن كل ذلك مسجل بملفها الطبي بالمصحة. في النهاية، نصحها الطبيب النفساني بالعودة إلى المنزل، و حدد لها مواعيد بعيادته كل ثلاثة أيام من أجل متابعة علاجها.
وقد ارسلت لها الفرقة الوطنية استدعاء اخر للاستنطاق بمفوضية الشرطة. وعند توجه أبيها للمفوضية من أجل تقديم شهادة طبية، مسلمة من طرف الدكتور الصالحي، تؤكد أن حالة وفاء لاتمكنها من الخضوع للاستنطاق. انتقلت عناصر من الفرقة الوطنية إلى منزلها، و أحضروها بالقوة، حيث تم سحلها اثناء انزالها من على السلالم وتعرضت لأزمة أثناء الطريق إلى المفوضية، حيث اضطروا إلى اصطحابها إلى مستشفى الامراض النفسية لطنجة الذي مكثت به بضعة ساعات قبل أن يتم اقتيادها إلى مفوضية الشرطة حيث اعتقلت لثلاثة أيام.
في يوم الخميس 10 يوليوز، عندما تم اعتقالي، لم أكن أعرف شيئا عن وضعية وفاء. وخلال التحقيق معي، تفاجأت عندما سألوني إذا ما كنت انا الذي قلت لوالديها، المسنين و اللذان يعانيان مع مشاكل ابنتهما، أن يذهبا عندها يوم 13 يونيو و أن يتكلفا بإعادتها إلى المنزل عندما كانت في حالة حرجة، طريحة الفراش ومحاطة بالعديد من عناصر الشرطة الذين بم يكونوا ليحسوا بالالام التي يعانيها والديها، لأنهم عاشوا معاناة الضحايا كمصاصي الدماء.
خلال التحقيق، قمت بالاجابة عن بعض الاسئلة و لم أجب عن البعض الاخر. لقد كنت أريد معرفة وضعية وفاء. أخيرا، فهمت أنه لم يكن بحوزتهم شئ غير تناقضات تصريحات أفراد عائلتها. تذكرت حينها تقنيات التواصل التي طبقناها في العديد من الورشات بالجمعية: كنا نشكل دائرة مكونة من عشرة أشخاص، كان الاول يكتب قصة صغيرة، ثم يحكيها في أذن الثاني، الذي يحكيها في أذن الثالث وهكذا دواليك.. و عندما تصل القصة إلى اخر شخص، يقوم بكتابتها وقراءتها: كانت القصة النهائية مختلفة تماما عن القصة الأصلية.
وعند نهاية التحقيق رفضت التوقيع على تصريحاتي. عندها، قام رئيس المفوضية، بعصبية شديدة، بإبلاغي أنني قيد الاعتقال، حينها أجبته دون تردد: أنا أعلن عن دخولي في اضراب عن الطعام، و الدواء و الماء. بعد ذلك انزلوني إلى زنزانة بالطابق السفلي من المفوضية.
مع كثرة الامراض التي أعاني منها (السكري، ازمات قلبية، ...)كنت معرضا لخطر كبير. لكن ما تعلمته من محمد بن عبد الكريم الخطابي، من غاندي و محرري الشعوب الاخرين، هو أن في حياة الانسان لحظات تكون فيها كرامة الشخص أهم شئ، و أنا لم أكن لأقبل باعتقالي دون أي سبب. لقد كنت دائما أتضامن مع المستغلين، مع الضحايا، ...، و هذه المرة سأكون متضامنا مع وفاء ومع نفسي، باعتبارنا ضحيتين من ضحايا هذا النظام المخزني. لقد كنت واعيا بخطورة قراري.
وفي الزنزانة، أعطوني غطاءين، فرشت الاول و وجعلت من الثاني وسادة أضع عليها رأسي. لكن أحد لم يتمكن من النوم بسب الضجيج القوي و المتواصل، خصوصا بسبب الضوضاء التي تحدثها المفاتي التي تغلق الابواب كل 5 او 10 دقائق. لقد كانت هذه الليلة ذكرى حزينة من السنوات الست التي أمضيتها في السجن.
ممددا دون حراك، فكرت في أبنائي: كانت غادة بالغة و مستقلة، أمين في السنة الجامعية الرابعة و هما معا ناضجين بما يكفي للاعتناء بنفسيهما. لقد كنت قلقا على وجه الخصوص على صديق الذي يبلغ 9 سنوات من العمر، و الذي ما يزال بحاجة للسند. لكنني فكرت أنه في كافة أرجاء العالم، يوجد الاف الاطفال اليتامى و المتخلى عنهم على قيد الحياة ، ورغم أن لابني الصغير ام و اخ و اخت و عائلة رائعة، رغم كل هذا، فقد قلقت عليه.
فيما بعد، سمعت عويل امرأة تصرخ كحيوان جريح. ظننت أنها وفاء، و بدأت أناديها، مرات عديدة، دون أن تجيب. فقلت لنها ليست هي
كانت الليلة طويلة، فكرت في طيش المفوضية: لم يكونوا مدركين بأن شخصا يعاني من امراض القلب والسكري قد يفارق الحياة في مثل هذه الظروف. كنت أغير وضعي من وقت لاخر، بعد ذلك طلع الصباح، و بدؤوا في مناداة المعتقلين من أجل اخذهم إلى المحكمة. كانت حالتي أكثر حساسية و تطلب الأمر الانتظار إلى ما بعد الزوال.
عندما صعدت إلى شاحنة الشرطة، رأيت وفاء يقودها شرطيين. منهكة القوى، ومنحنية الظهر، و تبدوا عليها الام كثيرة، أخبرتني أنهم لم يسمحوا لها بأخذ الادوية التي وصفها لها الدكتور الصالحي. بعد ذلك فرقوا بيننا ولم أتمكن من التحدث اليها.
لقد ذكرتني حالتها بما عشته نهاية شهر نونبر من سنة 1985، عندما نقلونا، أنا و 25 معتقلا اخر، إلى مركز التعذيب الشهير درب مولاي الشريف، حيث تلقينا خلال أكثر من شهر صنوفا مختلفة من التعذيب المادي و المعنوي، وكنا معصوبي الأعين و معزولين. قدمونا إلى القاضي ونحن متجرلون و في حالة لا يمكن وصفها. لكنني كنت على يقين أن التقنيات الجديدة التي استعملوها مع المناضلة وفاء كانت أكثر عنفا و إجراما.
عندما سنحت لي الفرصة في قاعة االانتظار عند وكيل الملك، عانقتها بقوة، وقالت لي انها لم تأكل شيئا منذ ثلاثة أيام. لقد كانت بمثابة ابنتي، عرفتها خلال مظاهرات حركة 20 فبراير2011، التي تعرفت خلالها على تنظيمنا "النهج الديمقراطي" و انظمت اليه. منذ ذاك الوقت و نحن معا في النضال من اجل حقوق و حرية شعبنا.
لقد كانت دائما أحب سماع الشعارات خلال مسيرات حركة 20 فبراير، وبعذ ذلك خلال المظاهرات العمالية.
نادوني للخروج، كان في الخارج 10 محامين، جميعهم أصدقاء مقربون أمضيت معهم سنوات من النضال. قمت بتحيتهم واحدا واحدا، بعد ذلك أدخلونا إلى مكتب المدعي العام، حيث أكدت وفاء شكايتها وتعرضها للتعذيب، كما أكدت من جهتي على تضامني معها و قلت بأن اعتقالي هو اعتقال سياسي، وهذا هو سبب دخولي في اضراب عن الطعام و الماء والدواء. وقد اشار المحامون إلى حالة وفاء الحرجة.
و في انتظار توجيهات وزير العدل، اخذونا إلى ردهة الانتظار، في حين اقتيدت وفاء إلى زاوية معزولة. دعاني أصدقائي المحامون للأكل، كنت ضعيفا، حيث أن الاربعة و عشرون ساعة من الاضراب احدثت مفعولها، لم ادرك كيف خرجت، لم اتمكن من الاعتراض و تناولت دون تفكير ثلاث حبات تمر أعطوها الي.
بعد لحظات دخل العديد من الاصدقاء. لقد نظموا تظاهرة أمام مفوضية الشرطة و أمام المحكمة، منذ مساء اعتقالي، فقمت بتحيتهم واحدا واحدا. لقد غمرني احساسا رائع بحرارة و تضامن رفاق النضال.
و قد عرضونا بعد ذلك على وكيل الملك، الذي القى علينا نفس الاسئلة، و عدنا لردهة الانتظار.
بعد قليل، خرجت في اطار اطلاق سراح مشروط، و تم اقتياد وفاء إلى السجن. عند خروجي، وجدت أمامي العديد من الوجوه المألوفة، فرحة من أجلي، لكنها كانت حزينة لاعتقال وفاء. لكن ما فاجأني أكثر و أثر في، هو دموع ربيعة الفتوح، رفيقة سعيدة المنبهي في الزنزازنة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire