سلاح الاضراب وشرعية النقابة: ستيفان سيرو Stéphane Sirot
جميلة سعدون
خلال عام 1884 ، عندما سمحت الجمهورية الثالثة ’’فرنسا’’ للنقابات العمالية بالشرعية، كان الأمر يتعلق بجعل المنظمات العمالية تابعة لجهاز الدولة ، كأداة لتهدئة الصراعات الاجتماعية .هذا التقنين كان واضحا، فأوكل لها دورا يقتصر حصريا على الاشتغال في القضايا المهنية دون المساس بالمجال السياسي.
ستيفان سيرو Stéphane Sirot
وقف ستيفان سيرو وهو أحد المؤرخين الفرنسيين المهتم بقضايا الاضراب والسيرورة التاريخية للنقابات ، في كاتبه :العمل النقابي ،السياسة والاضراب ،على أزمة العمل النقابي وأسباب هذه الازمة و إفقاد شرعية الاضراب كسلاح ومسؤولية النقابات .
كل هذا رصد من خلاله الازمة التي تخترق المنظمات النقابية بكل من الولايات المتحدة واوربا وفقدان التوهج ,وابتعاد النقابات عن الاضراب والحركة الاجتماعية التي سمحت لها بالصعود.
وقف سيرو على ما جاء عند جيرالد فريدمان, بخصوص تحول هذه المنظمات لمجموعات ضغط، كباقي المجموعات التي انسلخت عن قاعدتها الاجتماعية واضطلعت بمهام التسيير المؤسساتي للسلم الاجتماعي.
منذ ذلك الحين ، أصبحت هذه المنظمات شريكا لأرباب العمل وأجهزة الدولة ـ لبتعد عن منطق الصراع الطبقي وتعمل على تقليص حدة النزاعات بين العمال وأرباب العمل وهو ما أفقدها الطابع الديمقراطي أساس الحركة المطلبية.
استرسل سيرو استنادا لفريدمان أن المنظمات النقابية أصبحت أجهزة للمتفرغين الدائمين المنسلخين عن الواقع العمالي ،و أن اختفاء وهزيمة الحركة النقابية ذات الطابع الديمقراطي يعود لعجزها منح سلاح الاضراب مشروعيته
وقف سيرو على ما أكده جيرالد فريدمان بخصوص الارتباط العضوي بين ظاهرة الاضراب وتطور العمل النقابي ، معززا رأيه بالعودة لسنوات 1919 و1936 و1937 بفرنسا ,و 1968 بالولايات المتحدة الامريكية , وهي المرحلة التي عرفت احتداد النزاعات بين العمال وأرباب العمل ،كما عرفت ارتفاع وتيرة الاضراب .
فحسب الاكاديمي ستيفان سيرو , تعززت هذه المرحلة بارتفاع نسبة الانخراط ،وتوسع القاعدة النقابية ،وهو ما يؤكد العلاقة بين زخم الاضرابات وتطور الحركة النقابية.
وفي مشروعية الاضراب ، وقف سيرو على ان ابتعاد المنظمات النقابية عن هذا السلاح, وتحويله الى إضراب مهني ’’معقلن’’ ، مرده تحول الممارسة النقابية نفسها ,وأن الضعف الذي لحق المنظمات النقابية مرتبط بطبيعة الحركة المطلبية وهو ما غدى الازمة التي يعيشها العمل النقابي.
كما أكد في مجرى نقاشه أن هذه القضايا أصبحت محسوسة داخل الممارسة النقابية مع بداية القرن 21 ، كما ملاحظة الترهل على حركة الاضراب و الالتزام النقابي منذ 1980 والتدجين الذي لحق النقابات العمالية
يقول سيرو أن أسباب كل هذا يعود الى ابتعاد النقابة عن مفهوم ’’ الاستقلالية’’ وعن الدور السياسي المنوط بها وعن دورها في التغيير الاجتماعي و عن نزعها شرعية الاضراب ، ليقف على طقوس وروتينية الصراع الاجتماعي ومأسسة ضبط النزاعات الاجتماعية ، خلال المرحلة الفاصلة بين 1990 و2000.
لم يفت سيرو الاشارة الى سيرورة الاضراب خلال مرحلة التوهج والطريقة التي تتم بها اجتماعات المضربين ، و الممارسة الديمقراطية لهذا الفعل و التصويت داخل الجموعات العامة كهيئة تشريعية، ودور لجنة الاضراب كهيئة تنفيذية وتأثير القادة داخل الجموعات العامة،والاصطفافات التي تنبثق عن هذه الاشكال التنظيمية.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire