استاذة الفلسفة مينة بوشكيوة |
لو كانت منظومتنا التعليمية تقيس أداء الأستاذ بالأثر الفكري والنفسي على التلميذ و بالحضور التربوي النوعي والمؤثر ، لكانت استاذة الفلسفة مينة بوشكيوة متوجة بعشرات الجوائز والأوسمة ؛ لكننا في منظومة تتحكم فيها المساطر الإدارية البليدة التي تقيس الأداء التربوي بالحضور الشكلي أو بتوقيعات الحضور والغياب .
كلنا تابعنا قصتها الانسانية المؤثرة في هذا الزمن البئيس عاطفيا ، كلنا تابعنا عبر هذا الفضاء الأزرق ، بإعجاب شديد ، مبادرتها النبيلة والشجاعة في إنقاذ تلميذ مريض كان مهددا ببتر قدمه ، تحمَّلتْ متاعب ومصاريف نقله من مدينة زاكورة الى الدار البيضاء، و قادت حملة تضامن معه ساهم فيها متطوعون وأطباء وممرضون ومحسنون، إلى ان شفي وعاد الى الحياة والدراسة بعد ان كان مهددا ببتر قدمه أو الموت .
لو واجهنا حالة إنسانية كهذه تتطلب تضحية لإنقاذ إنسان في حالة خطر ، سنقع في مأزق اخلاقي بين اختيارين :
هل نتابع التزاماتنا المهنية وحياتنا المرتبة و كأن شيئا لم يحدث ، ونترك التلميذ الفقير لقدره في مدينة مقصية من الخدمة الصحية الضرورية ، لنحافظ على منصبنا الاداري ؟
أم ننحاز لنداء الانسانية ومنطق القلب، ونؤجل كل شيء ونمضي لإنقاذ حياته بحثا عن فرصة العلاج الاخيرة، و إن كان ذلك على حساب التزام اداري و واجبات مهنية ؟
بمنطق الواقع ، الكثيرون منا سيواصلون الحياة ، ويخضعون لقانون المساطر والمصالح الخاصة وتجنب المشاكل و لشعار " ماشي شغلي" ...
الاستاذة مينة انحازت لنداء الحياة والواجب الإنساني ، و أنقذت التلميذ الذي شفي تماما ، ثم عادت لاستئناف عملها و لتعويض تلاميذها عن غيابها المبرر و ما ضاع منهم من حصص الفلسفة . وأكيد نقلت لهم الدرس الفلسفي ومعه الدرس الإنساني والاخلاقي بمبادرتها النبيلة .
بمنطق الأخلاق وقيم التضامن هو اختيار شجاع وعمل بطولي، لكنه بمنطق الادارة والقانون ، هو خطأ مهني ، تبعاته كانت عقابا اداريا قاسيا متعدد الاوجه من وزارة التربية وتوقيفا تعسفيا لا يزال متواصلا لاجرتها لأكثر من 7 أشهر .
للأسف ،أحيانا يكون القانون أعمى وبلا قلب
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire