نظام التفاهة يزحف على الانتخابات في المغرب..
هذا هو النظام الفوضوي الذي نعيشه وتحدث عنه عبد السلام المودن..ونظام التفاهة هو الذي يدفع بالوعي الشقي الى أقصى درجات توتره الجدلي أحيانا. ويدفع بالوعي الشقي الى أقصى درجات ترهله اللاعقلاني. لذلك إختلطت علينا الأمور وصرنا غير قادرين على تحليل المعطيات بالبديهية السابقة التي كنا ندعيها. ودخلنا منطقة رمادية حتى أصيبت آلياتنا التحليلية بما يحيق بعين ذر الرماد فيها. وفي أحسن الاحوال أصيبت آلياتنا التحليليه بعمى الألوان.
وفي غياب البديل يبقى الوعي الشقي سيد الموقف.
ولكن توسيع مفهوم الوعي الشقي ليشمل تشاؤم الفكر وتفاؤل الإرادة. إنه بمعنى ما ونسبيا، قلق فكري استراتيجي، وتفاؤل يتجلى على المستوى العملي من خلال تكتيكات قد تبدو في ظاهرها متناقضة او منسجمة حسب الشروط الؤاتية والموضوعيه، ولكنها في المحصلة تكثف القلق الفكري الإستراتيجي، ولكنها تكتيكات غير قاتلة في حالة تكالبت الظروف وفرضتها بحسن نية،
لكن خطر الضياع وسط هذه التكتيكات المفروضة القيام بها أو تكرارها او تصحيحها في مدد زمنية قصيرة قد تنهك التنظيمات اليسارية، صاحبة فكرة الوعي الشقي، وتسقطها في محراب الاحتراب الداخلي والتآكل الداخلي. ومع مرور السنين والعقود يصبح القلق الفكري الإستراتيجي مترهلا خصوصا اذا كانت التكتيكات الكمية راكمت قدرا كبيرا من الفشل في تحقيق التراكم النوعي الضروري لتحقيق التطابق الكلي بين القلق الفكري الإستراتيجي النظري والممارسة التكتيكية العملية.
وهذا لب النقاش العام الدائر اليوم في الساحة السياسية بمناسبة انتخابات 2021 بالمغرب.
فالضياع في التكتيكات العملية هو سيد الموقف اذا ما نظرنا الى التكتيكات اليسارية ذات الصلة بالمشاركة في المؤسسات من عدمها او نقاش الشرعية، او نقاش القبول بنتائج انتخابات يحددها نظام التفاهة السائد والمتحكم في جميع المؤسسات الدولتية والمدنية.
إلا ان هذا لا يمنع من القول ان سيطرة نظام التفاهة سيصل آلى مداه وقد يتسبب في حصول حالة ثورية خلافا للحالة الحالية لقوى اليسار الموسومة بالإحباط وغياب الوضوح الأيديولوجي والخلط بين التكتيك والإستراتيجية وعدم القدرة على التمييز بينهما. لذلك يتموقع مناضلون داخل أحزاب إدارية، ويتموقع وصوليون انتهازيون داخل أحزاب وطنية وتقدمية واشتراكية. ونفس الشيء يحصل داخل إدارة الدولة نفسها.
واختلاط الحابل بالنابل الذي نشاهده اليوم هو جوهر نظام التفاهة الزاحف بلا هوادة على الدولة والمجتمع السياسي والمدني. وسيحول الدولة الى آلة بوليسية للضبط والتحكم وفرض الإستقرار بالقوة. وسيحول المجتمع المدني آلى مجتمع لا مدني ستسود فيه الهويات القاتلة التي تقتضي الضبط الأمني لردع كل نزوع مناطقي او محلي او هوياتي، وتصير الدولة البوليسية ضرورة الحفاظ على النظام العام.
وبالتالي فالإنتخابات لن تغير المعادلة وهي تكتيك موضوع اختلاف وتقدير داخل شعب اليسار.
ولكن الإنتخابات ذاتها في اعتقادي تمرين ديمقراطي جدير بالخوض في غماره مهما كانت العواقب.
ولكن، ويا للأسف، أن اليسار المعربي لم يهضم جيدا فكرة الإنتخابات، ولم ينخرط فيها يوما ومنذ الإستقلال بكل قواه وتنظيماته وتياراته وشخصياته. وظلت الإنتخابات موضوعا ملتبسا ومشكوكا فيه.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire