جريدة المساء الخميس 10 يوليوز 2025
https://fliphtml5.com/bookcase/pycpw
...وأنا أرَشِّحُ ترامب ونتنياهو لجائزة نوبل للسلام مُناصَفَةً.
صلاح بوسريف
والطَّريفُ في الأمر، أنَّ مُجْرِمَ الحرب، يُرشِّح داعِمَ الحرب، لنيل جائزة نوبل للسلام. هذه الدُّعابة السَّوْداء، حتَّى العقل المُبَلْبَل المُخْتَلّ لا يقبلُها، لا تسوغ في ذِهْنه، وفِكْرِه، لأنَّها دُعابَة بلون الدَّم، وطَعْْم الجوع، وروائح الرصاص والبارود الخانقين، بل القاتليْن.
ألهذا الحَدّ، صار العالَم دُعَابَةً، وصارت السياسة فيه سَخَفاً، وضَحِكاً على البشر وهُم يرون ما يجري على الأرض من إبادة، ومن ابتزاز، ومُساومات على القَتْل، وعلى الاستمرار في القَتْل، وفي المحارق التي لا يمكن أن تُضَاهَى حتَّى بما فَعَلَتْه النَّازية، وكانت فيها مُبالغات كثيرة مُفْرِطَةٌ، كُلّ من كَشَفَها، أو شكَّك فيها، تعرَّض للمُحاكمة والإدانة، أو تعرَّض للهُجوم عليه، واتِّهامه بالكُفْر بالجنس السَّامي، الذي ظَنَّ هؤلاء أنهم وحدهُم هذا الجنس.
لا أظنُّ أنَّ العقل العاقِل سيقبل مثل هذه الدُّعابات، أو سيقبل أن يكون القاتِل من يُرشِّح مَنْ مَدَّهُ بالسِّكِّين، ليكون بَطَل السَّلام، وراعي السلام، دون أن يُحْصِيّا، معاً، عدد القَتْلَى من الأطفال والنِّساء والشُّيوخ والشبَّان، ورقَّاصُ العَدَّادِ ما زال يدور، لم يتوقَّف، وأنَّ إيقاف الحرب على غزَّة، يراها هؤلاء إنجازاً كبيراً، فيما الحرب على غزَّة، كانت فُجُوراً كبيراً، وكانت تاريخ دَمٍ يُكْتَبُ بالدَّم، وإذن، فكيف يمكن لمثل هذه الدّعابات السخيفة المُقْرِفَة أن تكون حقيقةً، ما لم يكن العالم صار، مع هذين المُهَرِّجَيْن، سيركاً، فيه التَّوحُّش يأكُل التّأنُّس، يُمزِّقُ أشلاءَهُ بأنيابه، وهو يضحك، ظنّاً منه أنه يضحك على الذُّقُون، فيما هو يضحك على نفسه، دون أن ينتبه إلى حِبْر التَّاريخ الذي لا يقبل التزوير، وتحريف الحقائق والوقائع، وحتَّى حين يحدث هذا، فالغربال لا يفتأ يُلْقِي بالنُّخالَةِ في الرِّيح، لا يبقى منها إلا الطَّحين، ما يكون زَرْعاً، أو عجيناً خُبْزٍ، هو ما يَسُدُّ رَمقَ النَّاس، ويدفع عنه الجوعَ والسَّغَب.
قبل زيارة القاتل، المحكوم بحرب إبادةٍ، من قبل المنتظم الدولي، صرخ السيناتور بيرني ساندرز، في وجه ترامب، كيف يمكن لرئيس دولة، أن يستقبل مُجْرِمَ حربٍ، هذه التهمة التي طالما اتَّهَمَتْ بها أمريكا رؤساء دولٍ، وحاكمتهم بها، وفرضت عليهم حصارات، وجوَّعَت شُعوبهم. يكفي هذا الرئيس الذي، لم تُبْتَلَ به أمريكا فقط، بل العالم قاطِبةً، أنَّ يُعبِّر ممداني الفائز بالانتخابات التمهيدية، في مدينة نيويورك، حين سُئِل عن زيارة نتنياهو للولاية، لم يتردَّد في الجهر باعتقاله، وأنَّه لن يزور «إسرائيل»، لتكون الديمقراطية، ومكاييل الديمقراطية وحقوق الشُّعوب والدول، مُخْتَلَّةً، والمُخْتَلّ يكون هو العاقِل، والقاتل هو من يُرَشِّح من شاركه الجريمة، ومدَّه بالسلاح، لنيل جائزة نوبل للسلام، ولن نستغرب إذا حدث هذا، رغم ما يمكن أن تنقلب به الأمور على هذه الجائزة، بما تعرفه، بدورها، من عبث في ظُلْم عالم ولُغَة وثقافة أوسع مما تُقَرِّرُه لجنة هذه الجائزة نفسها، التي لم يحصل عليها عربِيّ، في الأدب، مثلاً، إلا مرَّة واحدة، وهذا لا يسوغه عقل وخيال هذا الأدب، قياساً بما مُنِح للصَّهاينة من هذه الجوائز، وأنا، بِكُلّ إلحاح، واستماتة، أرشح كُلّاً من ترامب ونتنياهو لنيل جائزة السلام مُناصَفَة، لإحقاق الحَقّ، ودفع الباطل، وغير هذا، لا يجوز.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire