أحببت كثيرا مظاهر وحدة الشعب وزخم مظاهرة الأحد بالرباط. دلت هذه التظاهرة على وجود قوى حية في البلد مستقلة عن السلطة، وعلى أن هذه القوى وازنة، ومتنوعة، ومتآلفة، ورزينة، ومسالمة، ومحتضنة للتعدد والاختلاف، وواضحة في ما يجمعها وما يميزها، ومصرة على فرض ما تراه إرادة الشعب لتغيير تموقع الحكم من محرقة الشرق الأوسط... هذا النوع من التعبير هو الذي فرض إحراز المغاربة بعض التقدم في الحريات دون انقلابات دموية ولا حروب أهلية، وهو الذي سيأتي لا محالة بمغرب الحرية والكرامة والعدالة.
ولكن هذا النوع من التظاهرات الناجحة لا يمكن أن يخلو من أخطاء ومطبات ومخاطر، حقيقية أو متخيلة لدى البعض. ولا يليق، بل لا يمكن في زمن أصبحت فضاءات التواصل الاجتماعية رافعة أساسية للفعل المواطن، أن يغيب النقاش حول مواطن الضعف هاته، لفهمها وتدقيقها وإيجاد السبل لمعالجتها وفتح آفاق جديدة للارتقاء بقدراتنا النضالية الجماعية. لذا، أرى من الواجب استدعاء النقد وتشجيعه، وضبطه بالأهداف والآفاق المشتركة. فنحن دائما في حاجة لمساءلة إنجازاتنا وسائلنا، دون تبخيس العمل الجاري والنتائج المحققة والمساهمات المحمودة، على أن يكون نقاشا أخويا بين كافة المعنيات والمعنيين بإسقاط التطبيع ودعم فلسطين، بتقدير متبادل كبير وحرص تام على أن يكون النقاش رافعة للتقدم وليس معولا للهدم.
فتحية عالية لكل من ساهمن وساهموا بالقليل أو الكثير في إنجاح هذه المحطة وغيرها، واللواتي والذين يكدون لبناء القوة المجتمعية القادرة على إسقاط الاستبداد. ومزيدا من العمل من أجل توسيع رقعة المساهمات والمساهمين، وتعزيز عطاءاتهن وعطاءاتهم، وتعضيض أواصر التآلف بينهن وبينهم، وتطوير آليات وأساليب الاشتغال، والرفع من وثيرة الأداء، وضمان الارتقاء المضطرد في المردود، إلى حين القضاء على الاستبداد والفساد، والتطبيع والإبادة، والفرقة والبغضاء.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire