mardi 8 avril 2025

الميز العنصري والإبادة تستدعي المواجهة/ فؤاد عبد المومني



لما كان نظام الأبارطايد العنصري قائما في أفريقيا الجنوبية، كان هناك من يعتبره نظاما ذا شرعية لا تسمح بالتدخل في "شؤونه الداخلية"، وأن العلاقات مع الدول تنبني على المصالح، وأن المقاطعة ستفشل لأن احترامها من طرف البعض سيخلي المجال لآخرين لملء الفراغ واستغلال غباوة المقاطعين لجني الأرباح الطائلة. وكان هناك من يواجه هذا المنطق اللئيم، ويمد المناضلين ضد العنصرية بالدعم. وكان الدعم الحاسم هو فرض السود والتقدميين مقاطعة نظام بريتوريا حتى تم إسقاطه، واحتفل العالم أجمع بالقضاء على هيمنة الأقلية البيضاء على بافي مكونات المجتمع. وكانت الفرحة عظيمة لحرص المنتصرين ورموزهم مانديلا وديسموند توتو على أن يكون النظام الجديد نظام مساواة ومصالحة وليس نظام انتقام.
ولما كان نظام الرق ساريا في مناطق مختلفة من العالم، بما فيها منطقتنا، كان هناك من يدافع على استمراره باعتباره نظاما طبيعيا ناتجا عن تفاوت قيمة الأجناس، بل كان هناك من يربطه بالإرادة الإلهية ويجد لذلك مسوغات ضمن الإرث الديني والحضاري. واقتضى القضاء على العبودية قرونا من المواجهة والنضال، انتهت بإقرار البشرية بأن لا تمايز نوعي بين الأجناس (les races)، وأكد العلم ذلك بنفي وجود الأجناس أصلا. وتبدو النازية كشكل متميز وقمة في الحدية لادعاء التفوق العنصري ومحاولة فرض الهيمنة بالحديد والنار.
نفس المسار عرفته مواجهة الاستعمار، بين من رأى فيه واجبا على الرجل الأبيض ل "إدخال الحضارة للشعوب المتخلفة"، وحقا للغالب المهيمن على غيره، ومن قال بحق الشعوب في تقرير المصير والاستقلال والمساواة. وانتهى الأمر، بعد صراع كانت الحروب أهم وجوهه، إلى اندحار الاستعمار والاستعماريين.

في حالة فلسطين، لا يمكن إنكار الميز العنصري الذي تؤكده أعظم المنظمات الدولية، بل الإسرائيلية حتى، والذي يزكيه الخطاب اليومي لوزراء الكيان وقواه المهيمنة. ولا نحتاج للبرهنة على الطابع الدموي الفظيع لهذا الكيان، والآثار الكارثية لسياسته وعنفه على كافة الساكنة والمنطقة. وهنا أيضا، نجد من يقول بأن على البشرية تحمل مسؤولياتها، على الأقل بالإدانة والوصم والمقاطعة، وهناك من يقول "هذه فرصتنا". هذا الصنف الأخير يرى أن الفرصة سانحة لمشاركة المجرم شنيع أفعاله من أجل اصطياد بعض الفتات والفضلات. من يبرر هذا السلوك هو من يقول "إن وجدت قُطَّاع طرق ينكلون ببني عمومتي، سأقدم لهم شهادة حسن السلوك إن هم قدموا لي إكرامية ما. ولا يُقبَل ادعاء أن التطبيع جائز ما دام الفلسطينيون بنفسهم طبَّعوا. فالفرق شاسع بين من له سيف قطاع الطريق على عنقه ولا يجد سبيلا لعدم تسليمه كل ما في جيبه، ومن يساعد قطاع الطرق بإعطاء المشروعية لأفعالهم دون أن يكون مهددا بخطر داهم، وفقط لأنه يأمل أن قطاع الطرق سيدعمون بعض مشاريعه.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire