بالرجوع إلى التاريخ ترجع تسمية مصطلح "اليمين" إلى تموضع
أماكن جلوس أعضاء البرلمان إبان الثورة الفرنسية، حيث
كان يجلس في الجانب الأيمن المؤيدون للملكية والارستقراطية، لكن تراكم المواقف
السياسية و أسسها النظرية أفضت إلى تولد منظومة فكرية تقليدية و محافظة، تسعى إلى
تأبيد نفس علائق الحٌكم، تمتين ركائز النظام القائم و كذا حماية مصالحها بترسانة
قانونية تستند إلى مقومات ضيقة للانتماء (عرق، تقاليد، أعراف، مصالح فئوية،....).
إلا أن تتالي الأزمات الاقتصادية بأوروبا، فتح المجال إلى مرور هذا
التيار إلى السرعة النهائية تحت مسميات "أقصى اليمين، اليمين المتطرف".
و تزداد هذه الأحزاب قوة مؤخرا مع موجات الركود المالي، و فشل كل المخططات الاقتصادية
للخروج من نفق الاحتباس الاقتصادي. ويبقى الامتداد التاريخي لهذه التيارات استحضار
مجد قديم يستند إلى الحركات النازية و الفاشية التي حكمت أوروبا بنزعات قومية
متطرفة.
إن الأرقام القياسية التي حققها اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان
الأوروبي الأخيرة تؤشر على ردة الأوروبيين تجاه الوحدة الاقتصادية للقارة، و عودة
التقوقع حول الدولة القومية، فالحصول على 130 مقعد في البرلمان الأوروبي سيعطي
مضلة واسعة لأحزاب اليمين المتطرف في بلدانها لمزيد من التضييق على الجاليات
المهاجرة، و نستحضر معاناة المهاجرين المغاربة بأوروبا مع تزايد موجات العنصرية و فوبيا
العداء للأجانب بتوهم تسببهم في انتقاص رغد عيش الأوروبيين.
إن المشهد الأوروبي سيرخي بضلاله على المغرب، خصوصا أن اتفاقيات الصيد
البحري و البواكر مرتبطة بمدى قوة القدرة التفاوضية، أخذا بعين الاعتبار تقديرات
الطبقة الحاكمة، على انتزاع شروط أفضل في الأسواق الأوروبية التي دخل على خطها
يمين متطرف يعتبر أوربا حكرا على الأوروبيين، كذا مدى قدرة الجاليات الأجنبية التي
بنت أوربا بسواعدها على التكتل لبناء قطب ضاغط يحمي التعدد الثقافي و تكافؤ الفرص
في المجتمع الأوروبي.
ملحوظة : لا يعني تشدد مواقف اليمين المتطرف تجاه جالياتنا في أوروبا
أن حٌكم بقية التيارات كان رحيما بعمالنا في الخارج، إلا أن التصدي للحركات
العنصرية في العالم مبدأ ثابت.
منعم وحتي
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire