قدمت القناة الثانية تحقيقا قصيرا عن التسول في مدينة الدار البيضاء يطرح مدى جدية الدوافع الاجتماعية التى تقف وراء هذه الآفة باعتماد منهجية الشك ،هل هو يدخل في باب الحاجة بسبب الفقر،ام يعد احترافا يتخذ شكلا منظما يستهدف جيوب المواطنين، مع التطرق الى استخدام القاصرين وحدوده القانونية في الظاهرة.
وما يثير الانتباه في التحقيق هو اعتقال نساء بائعات الكلينكس والمسكة واحد الشبان من الباعة المتجولين خلال الحملات الامنية، على اساس انه يدخل في اطار التسول حيث تبدو المقاربة الامنية واضحة في التعاطي مع الظاهرة واعتماد تصريحات الشرطة والمساعدة الاجتماعية داخل مقر مفوضية الامن لاضفاء الموضوعية على التحقيق الذي الذي تبدو مقاربته للموضوع من باب الترويج الاشعاعي للانشطة الامنية في مدينة الدار البيضاء، في حين ان الاشكال اكبر بكثير من هذه المقاربة الاختزالية التي تحجب المسؤولية السياسية عن الوضع الاجتماعي وتكريس سياسات التفقير وتوسع مظاهر واشكال التسول.
وتبدو عملية اسقاط صفة التعددية الجنسية على الظاهرة تلميحا واضحا الى ظاهرة الهجرة السرية لمواطني جنوب الصحراء في المغرب على اساس ان التسول احد مظاهر الهجرة غير الشرعية لهؤلاء ، ومن هذه الزاوية يعد اقتحام مجال التسول من طرف المهاجرين احد المظاهر السلبية لهذه الهجرة على الفضاء العمومي ، على غرار الجريمة التي تبرر الحملات الامنية الشرسة على المهاجرين قصد ترحيلهم، فهل هذه الحمل الامنية على التسول تدخل في خانة الحملات الاعلامية ذات الخلفية الامنية التي تتعمد عن وعي اوعن لاوعي بخلط الحابل بالنابل ، لان مجال مضايقات المواطنين في الشوارع من قبل هؤلاءهي ايضا اوسع واكبر من اختزالها بالاقتصار على المتسول ،وخصوصا واقع احتلال الملك العمومي للارصفة والطرقات وعرقلة المرور .
و هذه التركيبة الاعلامية ذات الطابع الاخباري لا ترتقي الى مستوى المقاربة العلاجية ذات الاختصاص ، لان مسافة الحياد منعدمة في هذا المنتوج الموجه الى المواطن العادي للاستهلاك النفسي، حيث بصمات تقمص دور القاضي والحكم غير خافية عن العيان، بانحياز لغة تقرير التحقيق الى تصريحات المسؤول الامني المدعمة بالاحصائيات المفحة والمبررة لشرعية الاجراءات الرسمية المتعاطية مع الموضوع، فتتحول تصريحات عيانات المقبوض عليهم الى مجرد اعترافات اثبات التلبس في قفص الاتهام ،وتنزل في تراتيبة مصداقية قصدية الحجج الى آخر مرتبة بعد تصريحات المساعدة الاجتماعية .
الفضاء العمومي
Espace public
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire