vendredi 8 décembre 2023

مفارقات الديناميات الإحتجاجية خلال العقود الأخيرة

 


من مفارقات الديناميات الاحتجاجية خلال العقود الأخيرة، و التي تتكرر عند كل حراك، كان اجتماعيا ، أو قطاعيا، حاملا لمطالب و تطلعات محلية، أو فئوية…هو تعمد الدولة تجاهلها، والتخطيط للإجهاز عليها عند أول فرصة لذلك. في المقابل تلجأ الحكومة للتواصل والحوار مع ممثلي إطارات وأحزاب أو حتى جمعيات هي في الأصل جزء من الأزمة التي فجرت الوضع، قيادات هذه الأخيرة هي في الأصل ضد أي حراك خلخل الوضع الذي كانت تستفيد منه، وسحب البساط من تحتها، فانكشفت بذلك خفتها وعفن بيروقراطيتها، وزيف تمثيليتها، كانت نقابية أو سياسية.
وقع نفس الأمر مع حراك الريف، جرادة..، ويتكرر اليوم مع حراك شغيلة التعليم.
لماذا تتشبث الحكومة بالحوار فقط مع النقابات التي وقعت على القانون الأساسي، ويتم إقصاء نقابة ذات تمثيلية مهمة بالقطاع منخرطة وصادقة في تعاطيها مع مطالب الشغيلة ؟ لماذا لم تقم هذه الحكومة بفتح قنوات للتواصل مع التنسيقيات الداعية للاحتجاجات والاستماع لمطالبها ؟
يبقى هذا الحراك القطاعي في جزء منه موجه ضد تخاذل هذه النقابات ـ طبعا ـ لا مسؤولية لقواعد النقابات المناضلة، الصادقة، والمكبلة بفعل البيروقراطية و التي انخرطت بهذا الحراك بشكل تلقائي ومن دون أي تحفظ ، وتفريطها في مطالب وتطلعات الشغيلة التعليمية بعض حوارات ماراطونية أسفرت عن نتائج مخيبة، هذه النقابات التي لم تعد قادرة على مجاراة سقف الشغيلة، وباتت مرتهنة لفتات ريع ومصالح ضيقة.
في المقابل هذا السخط على الأداء النقابي المتخاذل لا يجب أن يتحول لعدمية اتجاه العمل النقابي الذي لا غنى عنه، بل وجب أن يبقى هو الأفق المأمول حتى يعيد للفعل النقابي كفاحيته وقدر من الديموقراطية التي تسع الجميع.
من جهة أخرى؛ وجب استحضار الطرف الآخر في المعادلة قبل أي دعوة للاستمرار في الإضراب، فآباء وأمهات التلاميذ باتوا يخشون على مصير أبنائهم، وقد يتم تأليبهم ضد هذه الاحتجاجات، وتوجيههم للقيام برد فعل ضد هذا الحراك، وذلك في غير صالح نساء ورجال التعليم.
جزء من مطالب نساء ورجال التعليم لا يمكن تحقيقه إلا بخلق شرط ميزان قوى عبر توسيع جبهة الاحتجاج، وانتقال عدواها لقطاعات و فئات شعبية متضررة من الغلاء والإجهاز على المكتسبات، وبذلك وجب على العقلاء من داخل هذه التنسيقيات النظر بعيدا، واستشراف أفق أوسع للصراع، مما يفرض وقفة تأمل وتقييم، وأيضا لتقعيد هذه الاحتجاجات السابقة بالقطاع ولنقلها نحو أفق أرحب للصراع ،حتى لا تسقط في مطب مقولة: "الحركة كل شيء والهدف لا شيء".

جابر الخطيب