mercredi 26 juillet 2023

النسق الفني الريفي الملتزم لفرقة أكراف الموسيقية صوت الحراك

فرقة أكراف AGRAF من بين الفرق الموسيقية التي استطاعت بناء نسق فني ريفي حديث يمزج بين التراث والفن المعاصر، واستطاعت توثيق الانشغالات الجماعية بالريف بالفن عبر مساءلة الذات تارة والتعبير عن الحالة الذهنية والنفسية والاجتماعية بتذويب ما يطغى على عقل الريف الجمعي وتفكيره في مقطوعات موسيقية بمزج حمولة الاغنية السياسية بعقلنا المُحَيَّن وواقعنا الراهن بكل تجاذباته و تناقضاته وما يطرأ عليه بفعل سلطة الزمن والسياسة و انفعالات المجتمع وسلوكاته. وفعلت ذلك بالحفاظ على الحس الإنسي النبيل للريفي كفرد بأغاني عن الحب والتسامح والأم والصداقة استحضارا لبعد القيم في بنيتنا الريفية .
و استطاعت بمجهود ذاتي خلق قناة تواصل مع العالم عبر رسالة الفن و بإمكانيات متواضعة ذاتية، لتكون معبّرا عن هواجسنا الجماعية كالهجرة و البطالة و القهر و العنف الاجتماعي و تمثل المرأة في مخيالنا، وواكبت عبر في العقد الأخير كل انفعالاتنا وتعبيراتنا وآخرها حضورها في عمق حراك الريف الشعبي بالفن و ترجمة مطالبه و تطلعاته و استحضار رموز الريف التاريخية فنيا، لتساهم بذلك من جهتها وعبر الفن و قثارة ناصر الوعزيزي لتكون آلية من آليات التأطير والحشد، وتوثق لفترة من تاريخنا بمقطوعة " أيماس أونكراف " و "خوبريذ ن عبد الكريم " و " ايناسن إيوامزيون " وصولا الى "أراغي ن إنكراف" التي كتب كلماتها المعتقل السياسي نبيل احمجيق من وراء القضبان، مما يعني مسايرتها لتأريخ المرحلة الحراكية بكل ما عرفته من طفرات، بدءا بالحشد و التطلع للنصر مرورا بتقوية حضور الصوت الحراكي وثقله ووصولا الى تأريخ تراجيديا مأساة جماعية بعد الاعتقالات والاحكام.
قد يتلاشى في يوم ما كل الارشيف الرقمي الذي يوثق لحراك الريف من كتابات بعطب تقني، لكن لن تتلاشى او تمحى الاغاني فهي مخزنة خارج نظام الخوارمزيات المعقد، وستظل الاجيال تنشدها في استذكارها للمرحلة، كما فعلت أشعار المقاومة في التوثيق لمرحلة ريف العشرينات او أشعار عام ن الجوع او فترة " أشارق" للجزائر او أپولس ابان الحرب الاهلية الاسبانية.
هنا تظهر أهمية الفن في حفظ ذاكرة الشعوب و إبقائها حية، فللإستئناس فقط فالثقافة الارمينية مثلا لعب الشعر والاغاني فيها اهمية محورية في إيقاء هوية الشعب الارميني من الطمس والمسح و الابادة الهوياتية، وهو نفس ما قامت به الاغنية الريفية وتقوم به فرقة أكراف من جهتها آنيا الى جانب ما قام به خالد ازري و ميمون الوليد و البقية كافة.
من هنا يمكن فهم الحصار المفروض على الفن الذي يشتغل خارج قواعد مخارج و مداخل السلطة الرسمية، حصار من حرمانها من الدعم وخلق إكراهات لها لمنعها من استغلال الفضاء العمومي لتظل منشغلة و مقيدة بإكراهات الدخل الذاتي وبالتالي فرملة أگراف من الوصول لإبداع يتماشى مع الجودة الدولية تقنيا ولوجيستيكيا باعتمادها على مواردها وامكانياتها المتواضعة، وحصار آخر من ضبط السلطة لعمل ما يعرف بالمجتمع المدني و الجمعوي لإحداث قطيعة مع الفرقة خشيةً من غضبات السلطة و بالتالي حرمانها من التواجد و الحضور في القاعات العمومية بشكل مباشر، و إن أقسى حصار يطال الفرقة هو حصارنا نحن الذين لا نفكر في خلق قنوات جديدة لفك العزلة عن المنشغلين بالفن الهادف والملتزم والسياسي بتجاهلنا وعدم إسهامنا كريفيين في خلق سوق جديد لهذا المنتوج المحاصر رسميا والاكتفاء بالتفرج دون الانشغال في خلق تموين ذاتي يحتضن رموزنا الفنية و يضمن تسويقه و تجويده.
إن التضييق الموجه ضد هذه الفرقة يعنينا جميعا مادام يستهدف حقل له دور في حفظ ذاكرتنا، و إن من اعطابنا اننا نسائِل السلطة على رداءة منتوجها بينما ندع من بمقدوره الإبداع والتعبير عن قلقنا وجها لوجه أمام حرمان وظلم و محاولة تكسير واغتيال لرسالته الفنية النبيلة عبر آليتي التطويع والحصار .
علينا أن ننتبه كي لا نتيه في منطق عبثي، عندما نشجب السلطة بكونها تحاصر حملة رسالة الفن النبيل وبالمقابل نحن لا نكبّر من سمو و علو مجهودهم الذين نشاركهم الهم ومضمون الرسالة وغايتها و أحاسيسها ، علينا أن ننتبه لأنفسها كي لا نغرق في التفاهة ونساهم بأيدينا في تقوية أعشاش طبالي الرداءة المحسوب فنا في زمن العبث .
فلنكن الحاضنة للحناجر و النوطات التي تعزف لوجداننا و تاريخنا و أحلامنا و واقعنا، فالفن الملتزم قضية ولا يمكن للسلطوية ان تكون حاضنته أبدا، فهو يتناقض مع أهدافها وغاياتها، وإن لم نكن نحن الحاضنة فسلام على رسالة الفن النبيلة ..
Toutes le


 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire