mercredi 29 octobre 2014

تونس : نقطـــــــــــــــــة ضوء في بحر الظلمـــــات/ احمد السنوسي

 
أحمـــــــــــــــد السنوســــــــــــي 

نجحت تونس في التأسيس لمنظومة ديمقراطية غير مسبوقة في مستوى رقيها وتساميها بالعمل السياسي في أسمى صوره، فما أن تم الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية حتى سارع كل فرقاء إلى تهنئة الحزب الفائز بنصره ،ولم يطعن أحد في منطوق صناديق الاقتراع، ولم يحتج احد على تزوير الانتخابات بــ "شفافية" أو "نزاهة" كما يحدث عندنا وفي دول جارة لتونس ، كما لم تتم الإشارة إلى أن المال السائب الذي يعلم السرقة قد تم ضخه بكثافة من اجل "تصحيح" تصويت الناخبين بعد شراء الذمم والضمائر بأبخس الأثمان في استغلال سافر وفظيع لفقر المعوزين من طرف "قوات النهب السريع".
حدث ذلك في تونس ، البلد الذي أطلق أزهار الحرية من عقالها في هذا العالم العربي المريض بحكامه ،وظل في نهاية المطاف العصفور الوحيد الذي يصنع الربيع، فيما باقي الدول التي افترت على هذا الربيع عملت على تحويله إلى فصل صقيعي قاتل وسقطت في مصيدة "لعبة الأمم" التي ترتضي الديمقراطية لنفسها وتحاربها بدعم الديكتاتوريات العربية وتسليحها بل وتدريبها على احدث الوسائل الكفيلة بقمع الإنتفاضات الشعبية، ثم تُسوقُ في المحافل الدولية خطابا خادعا زئبقيا ومنافقا عن حرصها على حقوق الإنسان.
لم تعد تونس في حاجة اليوم لجوقة الناصحين وملقني الدروس الذين يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يقولون، بعد أن تحكمت في زمام مصيرها وأنصتت لنبض شعبها ، مخلفة وراءها أنظمة مستبدة تجاوزها الزمن وتلعب اليوم الأشواط الإضافية الأخيرة في انتظار أن يعلن الحَكـــَــم الشعبــــــــــي عن نهاية لعبة مغشوشــــــــــــــــــــــة وفاسدة.
أستطيع أن أغامر اليوم بالقول أن تونس نقطة ضوء في بحر ظلمات حكام طغاة، وأتمنى صادقا أن يتم تحصين تلك الخيوط المضيئة من خطر وفوضى هذا النوع من الحكام التي تحاصر بقعة الضوء في تونس شرقا وغربا وجنوبا حتى يظل ربيع الحريات وهاجا ينفذ نوره لجدار استبــــداد حالك الســــــواد ، ولعل سلاح تونس اليوم سيكون هو اليقظة والحذر فالطريق إلى الحرية مازال شائكا ومعبدا بالدسائس والتآمر على الحلم التونسي.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire