lundi 11 avril 2016

لماذا سيسجن الملك بنكيران..؟ عبدالعزيز العبدي




أحاول أن أتخيل السياق الذي قال فيه بنكيران، الموظف العمومي الكبير، لرئيسه المباشر، رئيس الدولة الفعلي، الملك محمد السادس، الجملة التي أصبحت نكتة آخر هذا الاسبوع: واخا تديني للحبس غادي نبقى معاك.
سنتجاوز تلك الاشكالات المستنبطة من المثاقفة القانونية والدستورية العميقة، التي يخرج علينا بها الجهابذة والاساتذة الكبار، والتي مفادها أن بنكيران مارس جهلا قانونيا، كون الملك لا يزج بالناس في السجن، وأن القضاء وحده من له الصلاحية في ذلك، بناء على مساطر محدد، تكون فيها متابعة معينة، ويتمتع فيها السيد بنكيران بشروط المحاكمة العادلة ويصدر فيها الحكم باسم صاحب الجلالة بسجن بنكيران...
دعونا من هذا، ولنتصور ما هي السيناريوهات التي يمكن لبنكيران أن يقول فيها هذا الكلام؟ وما هي السيناريوهات التي يمكن لبنكيران أن يذهب فيها واثق الخطى نحو زنزانة ما في سجن ما في هذا البلد…؟
جوابا على السؤال الثاني، اعتقد أن بنكيران قد يذهب إلى السجن في حال انكشاف تآمره على البلد ومحاولة الزج بها في متاهة مرتبطة بمرجعيته الاخوانية، وهي حالة غير مستبعدة بالنسبة لي، فتجارب هؤلاء الاخوان غريبة وغير متوقعة، وهي على كل حال موكول مراقبتها لأجهزة الدولة، ونتمنى صادقين أن لا تقع..
الجواب على السؤال الثاني غير مهم، هو ربما له ارتباط باحساس بنكيران الداخلي، المهم الآن هو السياق الذي قال فيها بنكيران قولته للملك…. أي الجواب على السؤال الأول
الأكيد أن هناك استلطاف بين الملك وموظفه، يظهر هذا جليا في الفيديوهات والصور التي تنشر بين الفينة والأخرى والتي تظهر عبدالاله بنكيران في وضعية المهرج وهو يسعى لإضحاك الملك، مرة بسلوكه، وهو ما حدث ذات تدشين حين بحث عنه الملك ولم يجده بجانبه، ومرة بنكته الطريفة على طاولات الغذاء أو العشاء وهلم جرا...
لذا أول سيناريو هو سيناريو المرح، قد يكون حديثا عن أمور ليست بالضرورة سياسية، تناولها بنكيران من زاوية ما على شكل نكتة ما، وقد يكون الملك رد عليها: هاد النكتة “خاصك عليها الحبس أبنكيران” وفي عملية استعطاف مشوبة بالحب المرفوق بالاذلال، كان جواب بنكيران ما صرح به نهاية هذا الاسبوع... سيناريو آخر لسياق هذا الخطاب أن يكون وصل إلى علم الملك ما يفيد زلة ارتكبها بنكيران، زلة تقع بين القانوني الموجب للسجن فعلا، والسياسي والتي يمكن التمسح به درءً لاضطراب في الدولة، وفي سياق تقريعه، وتذكيره بأن فعلته هذه مستوجبة للعقوبة الحبسية، قد يرد عليه بنكيران وبنبرة استعطاف أيضا، بأنه متعلق بالملك حتى لو زج به في السجن، فقط خيالنا ضاق ولم يستطع تصور ما هية الزلة التي قد يكون بنكيران قد اقترفها، ليس لأنه معصوم من الزلات، بالعكس، لأنه مؤهل لارتكاب أبشعها...
السياق الأخير هو سياق الشكوى والتظلم، بالنظر إلى الخناق الذي بدأ يضيق حول رقبة بنكيران، واحساسه بانحشاره في زاوية ضيقة في مواجهة صقور الدولة العميقة، والضربات المتتالية التي وجهها له غريمه، الأصالة والمعاصرة، التجأ إلى الملك لطلب حمايته، وفي ممارسة تقليدية لخدام المخزن، صرح له أن طلبه هذا لا يقابل تلبيته ولاءً ما، وأنه باق مع الملك حتى لو خاب رجاءه في الحماية التي ينشدها من الملك...
في كل الأحوال، يبقى تصريح بنكيران دليل على شكل تدبير الدولة في مستوياتها العليا، إذ أن المنتظر أن يكون خطابا راقيا حول البحث عن سبل معالجة المشاكل التي يتخبط فيها البلد، نكتشف أن الحوارات تدور حول السجن والولاء والدسيسة لا غير...
تلك حصلتنا..
عبدالعزيز العبدي

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire