jeudi 2 janvier 2020

الأمينة العامة للاشتراكي الموحد تحذر من خطورة فقدان السيادة في مواجهة الرأسمال الدولي


إعداد : برحو بوزياني وياسين قُطيب ويوسف الساكت – تصوير: (أحمد جرفي)

الأمينة العامة للاشتراكي الموحد تحذر من خطورة فقدان السيادة في مواجهة الرأسمال الدولي
حذرت نبيلة منيب من الأخطار التي تهدد السيادة الوطنية، مع دخول المغرب مسلسل خوصصة عشوائية وضع مستقبله بين أيدي المؤسسات المالية العالمية، إلى حد يمكن القول معه بأن المغرب لم يعد ملك المغاربة، ضاربة المثال على ذلك بالارتفاع الصاروخي لمستوى المديونية خلال مدة حكم العدالة والتنمية، سواء مع الأمين العام السابق عبد الإله بنكيران، أو مع خلفه سعد الدين العثماني. وأكدت منيب في لقاء مع “نادي الصباح” أن الحكومة الحالية والسابقة ساهمتا في إطلاق يد الشركات المتعددة الجنسيات للتحكم في الاقتصاد المغربي، بالنظر إلى صعوبة التفاوض مع قوى إمبريالية عابرة للقارات، منبهة إلى إمكانية العمل من أجل وقف النزيف قبل فوات الأوان، وعرقلة وتيرة السقوط في متاهة تحكم الرأسمال. وفي مايلي نص الحوار:
> ماذا يعني لك قيادة حزب يساري في مجتمع محافظ، وكيف تفاعل مع قيادة امرأة لأول مرة؟
> شكل انتخابي على رأس الحزب الاشتراكي الموحد حدثا في الساحة السياسية، خاصة أن الأمر يتعلق بحزب يساري جعل من القضية النسائية قضيته، وأكد أن الفعل السياسي في متناول المرأة والرجل. وأؤكد أن هذا الحدث أكد أن اليسار لا يقف عند القول بشأن المساواة، بل مارسها في الواقع، من خلال انتخاب امرأة في قيادته، وهي مسؤولية كبرى توجت سنوات من الفعل النسائي الجاد، والذي حقق إلى جانب نساء في أحزاب وطنية أخرى، مكتسبات لصالح المرأة.
لقد شعرت بالمسؤولية الجسيمة عند انتخابي أمينة عامة، وتملكني الخوف في البداية، لكن في الوقت ذاته كنت متحمسة كثيرا، وكنت أتوقع انخراطا كبيرا من قبل المناضلين،في هذه التجربة الجديدة، إلا أن الواقع أبان وجود صعوبات بسبب الموروث الثقافي، ليس في المجتمع فقط، ولكن بين صفوف اليساريين أنفسهم. وكنت أمام ضرورة النجاح في المهمة، لان هناك كفاءات راهنت عليها، إلا انها ظلت تقف موقف المتفرج، تنتظر ماذا أنا فاعلة.
> هل هناك جيوب مقاومة لقيادة امرأة للحزب؟
> أبدا، فحتى حين تكون القيادة بيد رجل، لا نجد الجميع منخرطا وهذه وضعية لها ارتباط بالموروث الثقافي، وهذا الأمر ليس مشكلا كبيرا بل أمرا عاديا، وكنت واعية بأن مهمتى هي العمل بجد من أجل تطوير حزبي، وتقدم المشروع اليساري الذي انخرطنا فيه، للتقدم في بناء المشروع البديل. واعتبر أن المشروع اليساري يواجه صعوبات ليس في المغرب فقط بل في مختلف أقطار العالم، بسبب الهجمة النيوليبرالية والضغط على الشعوب، وتراجع دور الدولة الاجتماعية، ما يفرض عليه نقد تجربته، وتجديد قراءته للتحولات الجارية وتقديم أجوبة على الأسئلة التي تطرحها.
> سجل الملاحظون عدم توصلك بتهنئة بعد انتخابك امينة عامة في التجربة الأولى، في حين توصلت بتهنئة ملكية في انتخابك لولاية ثانية. كيف قرأت منيب هذه الإشارات؟
> أولا، ربما كان انتخابي أمينة عامة أمرا مفاجئا، في المرة الأولى، حتى داخل مراكز القرار، بالنظر إلى الأوضاع العامة التي كانت تمر منها البلاد، والتي كانت تعرف الربيع العربي المغربي، وحراك 20 فبراير والمخاض السياسي الذي أحدثه. وكان هناك ارتباك في أوساط الدولة في التعاطي مع النقاش الجاري آنذاك، حول الحراك الذي كان مظهره اجتماعيا، لكن جوهرة كان سياسيا. وقلنا لماذا لا يقدم اليسار إشارة إلى الحكم، من خلال الإقدام على خطوة جديدة في الممارسة السياسية، وهي انتخاب امرأة على رأس الحزب. وأظن أن مواقع التواصل الاجتماعي هي التي أثارت موضوع التهنئة الملكية، وتساءلت عن سبب غيابها، وقد توصلت بعدها بالتهنئة، ولو بشكل متأخر شيئا ما. أما في الولاية الثانية، فقد توصلت بتهنئة ملكية، في وقتها.
> رغم قيامكم بحملة اعتبرت من أنظف الحملات، إلا أن النتائج المحصل عليها كانت ضعيفة. أين يكمن المشكل؟
>صحيح أن النتائج كانت دون مستوى طموح الفدرالية، رغم أنها حققت نتائج متقدمة في العديد من المدن، متفوقة على احزاب يسارية أخرى، إلا انه لا يجب ان نغفل وجود تلاعبات في مكاتب التصويت المركزية في عدد من المدن، إذ تأكد لنا وقوع تلاعبات في احتساب أصوات الفدرالية، مثل ما حدث في آسفي، رغم حصولنا على أصوات في مكاتب محلية، إلا أن النتائج المعلن عنها في المكتب المركزي كانت صفرا.
> هل معنى ذلك أنكم تتحدثون اليوم عن التزوير؟ ولماذا لم تطعنوا في النتائج؟
> صحيح ارتكبنا خطأ في عدم الطعن، رغم توفرنا آنذاك على معطيات من خلال مراقبينا في عدد من المكاتب، ومع ذلك لا يمكن أن أتقبل النتائج المعلنة.
وبخصوص الانتخابات المحلية بسيدي بليوط، فهي تختلف عن الانتخابات التشريعية، وقد تأكد لي من خلال الحملة أن العديد من الذين كانوا معي في الحملة وتجاوبوا مع الفدرالية، غير مسجلين في اللوائح الانتخابية.
كما أن الحزب الذي فاز بالأغلبية المطلقة في البيضاء لم يصوت له المواطنون بناء على برنامج انتخابي معين ولكنه استفاد من عقلية تبسيطية عند عموم السكان مفادها أنهم يريدون “المعقول”، أي أن التصويت ليست له مرتكزات سياسية بل لدواع أخرى والدليل على ذلك أن أكثر من 70 في المائة من مغاربة اليوم عازفون عن السياسة، وهي معضلة كبيرة تهدد البناء الديمقراطي في البلاد.
لا مجال لمقارنتنا بالإسلامويين
اعتبرت منيب أنه لا مجال للمقارنة بين الأحزاب العادية والأحزاب الإسلاموية، التي تحظى بمعاملة تفضيلية من قبل المجتمع، وتمكنت بفضلها من الحصول على قواعد ثابتة ومنظمة بطريقة الطاعة الواجبة، في حين أن الأحزاب اليسارية تستعمل خطاب الإقناع العقلاني،”أي أن الذي يصوت لنا لا يقوم بذلك إلا بعد الاقتناع”، وليس بطريقة “إن شاء الله. بوان كوم”، ذات الحمولة الدينية، التي لا يمكن لمغربي أن يجادل فيها لأنها من قبيل المسلمات.
الأحزاب الإسلاموية تستغل تربة خصبة أعدها لها سابقوها وكذا من قبل الدولة نفسها، إذ يمكن القول إن الإسلاميين يستعملون أسلحة الدولة نفسها للضبط و التحكم في المواطنين والانتقاص من كرامتهم والحجر عليهم، “وبذلك لا يمكن أن نقدم لهم فرصة النقاش والمجادلة والاختيار تبعا لذلك، كما هو الحال في عدد من دول الجوار التي لم تأخذ الطريق الصحيح نحو الديمقراطية في فجر استقلالها، بعدما انقضت قوى مناهضة لها على السلطة بخطاب من يملك خطة الخلاص في الدنيا والآخرة.”
وبخصوص الحرب التي شنت على اليسار قالت منيب إن الجبهة الثقافية كانت هي الأخطر، من خلال ضرب المدرسة العمومية، على اعتبار أن فئة المعلمين كانت في الغالب ذات انتماء يساري، ما جعل المدرسة المغربية ورشة للتربية على المبادئ والقيم السياسية للمساواة والتحرر والعدالة الاجتماعية.
ضرب منابع اليسار
سجلت الأمينة العامة للاشتراكي الموحد أن الدولة تتدخل بشكل كبير بتحطيم الفكر بتشجيع التيارات الإسلاموية، ونسف المشروع اليساري من جذوره، لأن المشروع السياسي في رأينا يبنى على قاعدة ثقافية، وأن الذكاء غادر الجامعة المغربية، كما انسحب المثقفون من معارك المجتمع، وهذا كان مخططا له بإمعان، واليوم هناك مشروع للإصلاح البيداغوجي، يثير الكثير من الجدل، ناهيك عن الارتباك اللغوي الذي عمق الازمة.
وحذرت منيب من أن مواد التدريس في الجامعة أصبحت مجزأة، وموزعة بين أزيد من عشرين أستاذا، لا يستطيع معها الطالب، مراكمة أي معرفة ولا حتى معرفة أسماء المواد والأساتذة الذين يدرسوه. واعتبرت أن في ذلك إغلاقا لمنابع كان يتغذى منها اليسار، من خلال استقطاب المثقفين والمتنورين. وكان إشعاع الجامعة يصل إلى العمال والفلاحين، ومختلف الفئات. كما ذكرت المنطقة الصناعية بعين السبع على سبيل المثال، التي كانت قطبا للطبقة العاملة، وأصبحت اليوم عبارة عن تجزئات للعقار. “فكيف سننتج الثروة في مدينة مثل البيضاء؟ كيف سنواجه التراجع عن المكتسبات بسبب السياسة النيوليبرالية المتوحشة”.
أهدرنا هذه الفرصة
حملت منيب اليسار جانبا من المسؤولية في ما وقع له، ففي التسعينات من القرن الماضي، بذريعة أنه كانت هناك فرصة مع الكتلة الديمقراطية، من أجل القيام بإصلاحات دستورية وسياسية تقوم على فصل حقيقي للسلط، وإصلاح أحول البلاد واستعادة ثقة المغاربة، أهدرت تلك الفرصة، بمجيء دستور 1996، غير الديمقراطي الذي صوت عليه جزء من اليسار، وشارك في الحكومة في 1998. وكانت المشاركة بدون شروط، وشكلت ضربة قاضية لليسار، الذي لم ينتبه مع مجيء محمد السادس إلى العرش مرة أخرى إلى إمكانية مقاربة جديدة، إذ ظل في المقاربة التقليدية المبنية على النية، عوض الانتقال إلى أسلوب التعاقد المجتمعي، والربط بين الإصلاحات السياسية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. ولم يستفد من أجواء الانفتاح التي دشنتها تجربة الإنصاف والمصالحة، واللجنة الملكية لإصلاح قانون الأسرة. وترى أن المشكلة في النخب السياسية التي ترى في المشاركة مهما كانت الظروف طريقا للإصلاح، وبدون ضمانات، “ولذلك ما زلنا نؤدي ثمن تلك الأخطاء”.
خطر التمويل الأجنبي
أوضحت منيب أن الثورة المعلوماتية التي نعيش تسارع أطوارها، يساء استعمالها، لأن هناك عددا كبيرا من رواد المواقع يشعرون بالألم وكل من أراد أن يقول شيئا ينشره لكن محتوياتها ليست دائما مفيدة، بل تستعمل في تصفية الحسابات كذلك، التي لم تعد حكرا على وسائل الإعلام الرسمية والحزبية، وكانت ضحيتها فقد كانت في مرمى نيران افتتاحيات صحف أحزاب يسارية مرات متعددة، وتعتقد أن المرحلة تقتضي أن نتجاوز هذا المستوى، “والواقع يشهد أننا لم نجدد فكرنا، ويشهد على ضعف الاجتهاد في خطابنا وممارساتنا، وساهمنا نحن كذلك في وضعية التصحر الإيديولوجي، إذ لا يكفي فتح أبواب الانفتاح على المواطنين والاستماع إلى صوت دون التأسيس لذلك إيديولوجيا”، حسب قولها.
وأضافت المتحدثة أن العمل الجمعوي الذي كان أهل اليسار رواده من خلال أوراش الدعم والتقوية والتثقيف والتعريف بالقضايا الكبرى للبشرية من قبيل البيئة، لم يعد كذلك، فقد سقط سلاح الجمعيات في أيدي من يملكون مصادر تمويل أجنبية تتقاطر عليهم المساعدات من الخارج، ولا يمكن أن تستوعب أن حزبا يملك ترسانة من 37 ألف جمعية تدور في فلكه.
Nabila Mounib - الدكتورة نبيلة منيب‎  


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire