lundi 15 septembre 2025

مشروع جبهة المقاومة الوطنية ضرورة يسارية

 


سمير دياب 


لم يكن بيان جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية في 16 أيلول 1982 يشكل إعلاناً لموقف تاريخي فقط. بل، كان الفعل النضالي الثوري للتحرر الوطني في التاريخ. 


وإنطلقت جبهة المقاومة الوطنية لتضيئ شيئاً فشيئاً ظلام ليل المحتل الصهيوني، ولتنسج بعملياتها النوعية ومشروعها الوطني الديمقراطي جدلية العلاقة بين تحرير الأرض وتحرر الإنسان من أجل "وطن حر وشعب سعيد".

 

 لفت "جمول" الوطن من قلبه بيروت وجبله وجنوبه وبقاعه.. وقدمت، قوافل من الشهداء الأبطال الذين سقطوا على درب الحرية والكرامة، والآف الأسرى الذين  قاوموا بصمودهم المستحيل  داخل معتقلات وسجون المحتل الصهيوني لنحيا  بفخر وإباء. 


43  عاماً مرت على إنطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية التي حررت وإنتصرت دون قيد أو شرط. لكن شعبنا بقواه الوطنية والديمقراطية لم يفلح في ترجمة هذا الانتصار التاريخي على المحتل عام 2000 بمشروع للتغيير الديمقراطي، بفعل طبيعة النظام السياسي التبعي الطائفي التحاصصي وممارساته التي تقوض كل الإنجازات النضالية الوطنية والاجتماعية والنقابية لشعبنا، وتطمس تضحياته الجليلة في الصمود والمقاومة والنضال والمدافع عن وحدة لبنان وعروبته وتطوره الديمقراطي، بفعل تمسك أطراف هذا النظام وحكوماته المتعاقبة بإمتياراتهم الطبقية والطائفية لإعادة إنتاج النظام ذاته بتدخلات ووصايات خارجية مختلفة. 

 

 في مناسبة إنطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، وأمام المتغيرات الدولية والإقليمية المفصلية الحاصلة، وفي ظل تعمق أزمة الرأسمالية العالمية، ولجوء الإمبريالية الاميركية لتسعير الحروب العسكرية والاقتصادية، فإن المنطقة العربية من أكثر المناطق سخونة في العالم. وإزدادت حماوة ما بعد عملية المقاومة الفلسطينية البطولية في السابع من تشرين 2023 ، لتبدأ مرجلة جديدة في حروب الإبادة الجماعية على غزة ولبنان وسوريا وباقي المنطقة برمتها، بالشراكة مع الكيان الصهيوني لتصفية القضية الفلسطينية والغاء حقوق الشعب الفلسطيني والقضاء على المقاومة الوطنية والشعبية للهيمنة على المنطقة وتطويعها والحاقها في عملية التطبيع وفق لتحقيق ما يسمى " مشروع الشرق الاوسط الاستعماري الجديد".


عامان مفصليان من المقاومة والصمود في غزة ولبنان. لكن، أمام توحش التحالف الاميركي – الاطلسي – الصهيوني وتواطؤ الرجعية العربية ، وأمام تخبط وتراجع وتفكك محور الممانعة، وأمام ضعف وتشتت المشروع اليساري الثوري البديل. تقف المنطقة العربية برمتها أمام منعطف مصيري. فإما التراجع والاستسلام للاستعمار والاحتلال والوصاية، وإما الثبات والصمود والتنظيم والهجوم في مواجهة التحديات الخطيرة. ولإن شعوبنا العربية لم ترفع في تاريخها المقاوم راية الاستسلام، ولم تتراجع عن حقها في المقاومة والنضال لإنتزاع تحررها الوطني والطبقي الشامل. فالواجب الوطني يقتضي مصارحة شعوبنا بعد إجراء مراجعة نقدية مسؤولة، وطرح  مقاربة موضوعية للأوضاع وتحليلها ورسم استرتيجيات العمل لمشروع المواجهة المصيرية الذي لا بد أن يقوم على أسس ومفاهيم وركائز وطنية بعيدة عن الطائفية والفئوية. من هنا، يصبح لزاماً وضرورة يسارية لإستعادة المبادرة لتشكيل إطار وطني لتفعيل مشروع "جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية" والعربية، لخوض معركة المصير الوطنية وفق مشروع  لحركة  تحرر وطني عربية جذرية شاملة، وفي المقدمة القضية المركزية فلسطين وحق الشعب الفلسطيني في التحرير والعودة وإقامة الدولة الوطنية وعاصمتها القدس. وتحرير التلال الخمس ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا واستعادة الاسرى وجثامين شهداء "جمول" من المحتل الصهيوني في الجنوب اللبناني، وتحرير الجولان وكل المناطق السورية المحتلة.  


هذا المشروع بنهجه واطره الوطنية سيكسر حلقة تقدم المشروع الاستعماري الاميركي – الصهيوني، ويؤسس لمقاومة وطنية وشعبية شاملة من أجل التحرر الوطني والاجتماعي. وهو المشروع الذي يشكل فعل الوفاء لدماء شهداء جبهة المقاومة الوطنية والاسلامية، وشهداء المقاومة الفلسطينية والعربية. 

  

تحية لمطلقي نداء جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية (جمول) ، وتحية لشهداء مواجهة بيروت الرفاق جورج قصابلي وقاسم الحجيري ومحمد مغنية.. وباقة ورد لروح مطلق الرصاصات الأولى الرفيق المقاوم مازن عبود ولرفاقه الأبطال الأحياء. 

والتحية لكل أسيرة وأسير، وكل مقاومة ومقاوم صناع التحرير التاريخي.  

 

15/9/2025

https://www.facebook.com/share/p/19hggfqrzz/


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire