lundi 16 décembre 2013

المؤتمر الخامس للكنفدرالية الديموقراطية للشغل السياق و القرارات


المؤتمر الخامس للكنفدرالية الديموقراطية للشغل .
السياق و القرارات .

                                                                                                                                          بقلم : محمد الصلحيوي
هل حقق مؤتمر الكنفدرالية الديموقراطية للشغل أهدافه ، أم فشل في ذلك ؟
يطرح هذا السؤال بإلحاح ، نتيجة السيل الكبير من الإنتقادات الموجهة للمؤتمر ، والتي أخذت في الكثير من الأحيان منحى بوليميكي لاذع ، لم يترك للمؤتمرات و المؤتمرين أية إيجابية و لو كانت معنوية . و الأطروحة الجامعة لكل المؤتمرين و المنتقدات – عدا ما نذر – هي التالية :
عودة الكاتب العام  و بتواطؤ من طرف الحزب الإشتراكي الموحد ، قتل للديموقراطية .
و تتفرع عنها تفصيلات كثيرة من قبيل تسلط الحزب المهيمن،و الفساد التنظيمي ، و التشييج ، والكولسة بين الأحزاب خارج المؤتمر ...
و المثير للإنتباه في كل ذلك شيئان :
- تركيز المؤتمر وتلخيصه في نقطة واحدة هي الكتابة العامة .
- التركيز على الحزبي الإشتراكي الموحد نقدا و تجريحا ، بل ، و تسفيها لمناضلاته و مناضليه. فهل هذا صحيح ؟
تجدر الإشارة بداية ، إلى أن كل انتقادات المنتقدات و المنتقدين ، و مهما كانت ، مشروعة و واجبة ، مادامت الكدش ملك لجميع المغاربة المنتمين لقطب العمل ،و المواجهين لإستغلال و جشع الرأسمال – إلا أن اعتماد المشهد العام للمؤتمر من طرف المنتقدين و المسفهين و المختزلين ، وفي غالبيتهم من خارج الكدش ، ورطهم بصدق قول أو بالحق الذي أريد به باطل ، في المكان المكشوف و المفضوح المعادي للكدش ، كتنظيم و دور في التغيير الديموقراطي ، و ما مسألة الكاتب العام و موقف الحزب الإشتراكي الموحد إلا عناوين للتغطية . و لذلك فهم يستحقون أيضا نقدا مضادا و جذريا . و نطرح السؤال التالي : ما المطلوب منا ، باعتبارنا تيارا نقابيا للحزب الإشتراكي الموحد ؟
هل المطلوب منا أن نكون عبارة عن" كومندو " تخليصي للمؤتمر و للكدش مما يعتبرونه حزبا مهيمنا ، و يرفعون لنا شارة النصر حين عودتنا إلى قواعدنا سالمين غانمين ؟
و هل المطلوب منا أن نكون عبارة عن " ميليشيا " حزبية نملأ المؤتمر صخبا و ضجيجا و مواجهة لكل مناوئ ، ونصدر بيان الإدانات و الإنسحاب ، ونستقبل بالتصفيق و قولة " برافو عليكم " لقد حاربتم الهيمنة و الإقصاء . ونكون في الحالتين قد أدينا مهمة صيغت في مكان ما ، و في زمن ما ، مفادها ، لا مؤتمر نقابي أو حزبي يمر في المغرب بسلاسة ، بل لابد من المواجهة و الصدام و الجراح ، حتى تترسخ أكثر فكرة أن الديموقراطية كثقافة عصية على المغاربة ، والأحسن أن تترك لغيرهم يدبرها لهم ، و الأكثر استحسانا أن تكون النقابة المناضلة و الأحزاب اليسارية طيعة ومطواعة حتى تؤمن مؤتمراتها مجريات و نتائج .
مرة أخرى هل كان علينا أن نؤدي هذا الدور ؟
بالقطع لا ، لأننا تيار نقابي لحزب يساري مناضل ، منخرط في نقابة جماهيرية ،
و مادام الأمر كذلك ، كان تنسيق الرأي بين مؤتمرات و مؤتمري التيار مسألة طبيعية وحيوية ، وتبلورت وسطنا التقديرات التالية :
 التقدير الأول : أن المركزية الكدشية مناضلة منذ تأسيسها من أجل تحرير الأرض و الإنسان ، و قد كرست و رسخت هذا الخط الكفاحي في تجربتها بين المؤتمرين الرابع و الخامس ، لذلك كان تقديرنا إيجابي للتقرير الأدبي ، مع التأكيد على كل عوامل النقص و القصور و الأخطاء التي كانت كبيرة في محطات معينة كالتعامل مع حركة 20 فبراير ، الجماعات المحلية ، ورزازات ، و لعل شرط إيواء المؤتمرات و المؤتمرين كان يمكن أن يكون مشكلا حقيقيا ، و اكتفينا بطرحه بعد توضيحات المكتب التنفيذي بصدده .
التقدير الثاني : الكدش نقابة جماهيرية  ، و يتكرس ذلك مع الإغناء المستمر لتجربتها و انخراط كل تنظيمات اليسار المغربي  و حساسياته بغرض صياغة أفق شراكة حقيقية في الحياة النقابية الداخلية ، فكرا و تنظيما ، و الترسيخ الجماعي لمعادلة " لا نقابة للحزب و لا حزب للنقابة " و هي الضمانة الوحيدة لدمقرطة النقابة الداخلية .
التقدير الثالث : إن نضالية و كفاحية المركزية النقابية ، و بتعددية كل أطراف اليسار ، يفرضان انحيازا أكثر تقدما للأفق السياسي اليساري المنخرط ميدانيا في حركة 20 فبراير ، بكل شعاراته السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية .
إن التقديرات الثلاثة أعلاه ، فرضت أفق ثلاث أهداف محددة لهذا المؤتمرالخامس ، المنعقد بشعار " التعبئة الشاملة من أجل الإصلاح  الحقيقي " و في قلبه الديموقراطية هي الحل .
الهدف الأول ، أدبي : و يتعلق الأمر بالتبني الرسمي من أعلى هيئة تقريرية للكدش للملكية البرلمانية ، و هذا ما تم فعلا في البيان العام ، وبقاء الأصوات الشعبوية القائلة بأن السقف السياسي لا يمكن أن يتبناه التنظيم النقابي ، لأن الشعب هو محدد السقف، و كأن الشعب المغربي المنتج للثروة جزيرة ، و مركزية النقابية  جزيرة أخرى هامشية ، إضافة لدورها في ايطار حركة 20 فبراير . إضافة لوضوح النقابة في مسألة انحيازها و نضالها من أجل اقتصاد منتج و ناجع ، في محاربتها للفساد و الريع الإقتصادي . لتكتمل البوصلة النقابية بالعدالة الإجتماعية المبنية على التوزيع العادل للمعرفة و الثروة على جميع أبناء الشعب .
الهدف الثاني ، تنظيمي : و يتعلق بالترسيم القانوني لانتخاب أجهزة المنظمة مباشرة ، بعد سنوات من الجدال و السجال حول آلية " لجنة الترشيحات " ، و قد باشرت المركزية انتخاب المجلس الوطني في الإتحادات المحلية . بصرف النظر عن سلبيات التطبيق الهامشية هنا و هناك ، مثال عدم استدعاء للجموع العامة لإنتخاب المؤتمرين ، أو تعيين عضو المجلس الوطني بدون أي نقاش لوثائق المؤتمر . إضافة لهذا التطور على مستوى دمقرطة الإنتخاب ، هناك خطوة التميز الإيجابي للنوع ، إذ تم تمكين كل المسؤولات النقابيات من صفة مؤتمرة .
 الهدف الثالث ، أدائي : إن الكدش رافعة أساسية من روافع النضال الديموقراطي من أجل التغيير و قد كرست دورها هذا عبر تجربتها العينية نضاليا ، لذلك ، فالرفع من وتيرة هذا الدور ، مهمة غاية في الاهمية ، اجتماعيا و سياسيا ، خصوصا مع دروس حركة 20 فبراير ، والتي هي نقطة تحول فارقة في نضال الشعب المغربي ، وليست نقطة تراكم كمي ، إذ هي استمرار بمنطق التحول ، و ليست استمرار بمنطق التراكم ، إن الوضع الذي أوجدته حركة 20 فبراير ، والذي تفاعلت معه الكدش في مسيرتها الوطنية يوم 27 ماي 2011 بشعار الكرامة أولا، يفرض عليها الآن لعب دور حاسم في توحيد القوى اليسارية ،و أمامنا على الأقل  تجربتين رائدتين : تجربة نقابة" تضامن " البولونية ، وتجربة اتحاد العام للشغل التونسية ، وإن هذا التأكيد يتعزز بوجود تحالف يساري داخل الكدش ، تحالف اليسار الديموقراطي . للمركزية إذن مهمة دعمه حتى يحقق رؤيته تنظيما و سياسيا ، وهذه مصلحة أساسية للشغيلة المغربية التي اختارت الإرتباط بقوى التحرر بديلا عن" النقابة الخبزية "   .
تلكم كانت العناصر المكثفة لأفقنا – مؤتمرات و مؤتمرو تيار الحزب الإشتراكي الموحد – داخل المؤتمر ، وكل الإنتقادات الموجهة إلينا مست المسائل التالية :
- التنسيق السياسي : حاول الكثير من المنتقدين و الغاضبين حتى ...اتخاذ منصة التنسيق المفترض و المتخيل لقصف المؤتمر و معه الحزب الإشتراكي الموحد ، بكون الأخير قد " كولس " مع المؤتمر الوطني الإتحادي ، وتمت مصادرة حقوق المؤتمر و المؤتمرين ، وقدمت المسألة بطريقة بوليميكية فجة ، و هنا أقول و بسمو أخلاقي ، و بتجرد نضالي أنه لم يحدث أي شكل من التنسيق السياسي بين الفصائل اليسارية على الإطلاق ، بل ، يمكن لي القول أن قيادة الحزب الإشتراكي الموحد أكدت مسؤولية المؤتمرات و المؤتمرين الحصرية في إدارة مواقفهم حسب مجريات المؤتمر ، و هذا ما جرى فعلا ، إذ تم التعبير خلال مناقشة التقرير الأدبي على مواقف التيار النقابي للحزب بكل وضوح ، بتأكيد كفاحية و نضالية المركزية في تجربتها ، مع الوقوف على عوامل الضعف و القصور .
- مسألة التجييش و المسألة النسائية : إحدى نقاط القصف المجاني للمؤتمر ، من طرف المنتقدين ، حضور النوع داخل المؤتمر ، إذ اعتبروا تمكينة كل المسؤولات النقابيات من صفة مؤتمرة تجييشا ، والغريب أن بعضهم يجاهر بدعمه للمناصفة و المساواة ، بل أكثر من ذلك يزايد على الاحزاب و الحركات النسائية بكونها مقصرات في النضال من أجل القضية النسائية . وحين تخطو الكدش خطوة جريئة بالوصول إلى نسبة 46 % من هيئة المؤتمر من النوع ، مقابل 54 % من الرجال ، ويبلغ بعضهم كل بقوله في محافل أخرى ، و يعتبر ذلك تجييشا . هنا أقولها صريحة واضحة ، إني لا أقرأ النيات ، بل ، أعتمد الممارسات مقياسا للحكم ، ألم نناضل - و لا زلنا  -  ضد محاكمة الضمائر ، والتي أدى بعض المنتقدين ثمنها من حريتهم الشخصية ، لذلك ، أعتبر الجانب الجوهري في الخطوة الكدشية ، و التعلق بالدفع أماما بالتمييز الإجابي للنوع و رفعه بسقف أعلى ، والحاصل أن الإجراء التنظيمي قارب المناصفة ، وهي آلية مجتمعية لتمكين النساء من ولوج مراكز القرار ، والنقابة إحدى مؤسسات المجتمع العامل ، وبالتالي معنية بتلك الآلية ، والمطروح فعلا هو كالتالي  :
 - العمل تأطيريا داخل المركزية من أجل تأسيس توازن حقيقي بين المناضلات و المناضلين .
- أن تكون سرعة النقابات أعلى من سرعة المجتمع الذكوري المعقد .
- أن تعكس مراكز القرار الكدشي نسبة 46% .
- الدفع في اتجاه عقد نوع من المصالحة مع التنمية بتبوإ المناضلة النقابية قيادة التفاوض النقابي داخل المؤسسة و القطاع .
- جعل المناصفة في قلب الدينامية النقابية لتجاوز شرط النزول القانوني إلى دينامية الوعي النسائي .
ذلك هو المهم في خطوة الكدش ، و قد عبرنا على هذا بوضوح ، و تجاوزنا كتيار للحزب الإشتراكي الموحد ، الجانب السلبي المفترض إلى الجانب الكيف المستقبلي .
- مسألة الكتابة العامة  : كما تمت الإشارة سابقا. لخص المنتقدون و المعلقون المؤتمر الخامس للكدش في نقطة واحدة هي انتخاب الكاتب العام . هنا ضرورة التوضيح التالي : دخلنا المؤتمر كتيار نقابي للحزب الإشتراكي الموحد و نحن على معرفة تامة بموازين القوى التنظيمية داخله ، حجمنا الوازن و الحقيقي لم يحولنا إلى أغلبية ، لذلك لم يكن وسطنا مرشح لمنصب الكاتب العام ، فتح نقاش بيننا ، فكان الرأي أن المسألة لا تتعلق بالترشيح من أجل الترشيح ، لأن المؤتمر معروف عدديا و اصطفافيا ، و لسنا أمام انتخابات جماعية أو برلمانية يكون الهدف منها الدعاية و نشر فكر الحزب ، إضافة للتأكيد منذ بداية الأشغال على أن المؤتمر سيد نفسه ، و هنا قررنا التعامل مع ما سيقرر داخل المؤتمر .
فتح فعلا باب الترشيح لمنصب الكاتب العام ، ولم يتقدم أي مؤتمر أو مؤتمرة للترشح ، هنا قدم مسير الجلسة باسم لجنة التسيير الأخ عبد القادر الزاير ترشيح الأخ محمد نوبير الأموي بصفته مؤتمرا ، بدليل قوله " في الحقيقة نحن مازلنا في حاجة إلى السي محمد " و لم يطرح تجديد الثقة في الكاتب العام السابق ، و أخضع المقترح للتصويت ، فأين المأخذ ؟
فهل كان علينا أن نفرض على الآخرين الترشح و لا مرشح لنا ؟ هنا نتحول لمسخرة تنظيمية و إعلامية . و هل كان علينا أن نفرض على الأخوين علال بلعربي و عبد القادر الزاير مثلا الترشح و اختيار تيارهم شيء آخر ؟ و هنا نكون في تناقض صريح مع مبدئنا في استقلال النقابة عن الحزب . بعض المنتقدين غير المتمرسين على آليات اشتغال المؤتمرات ، طرحوا فكرة عدم اعتراض الرفيق عبد اللطيف قلش عضو لجنة الرئاسة دليلا على ما سموه تواطؤ الحزب الإشتراكي الموحد مع المؤتمر الوطني الإتحادي ، وهنا توضيحان :
 - مهمة لجنة الرئاسة هي الإشراف على تسيير أشغال المؤتمر وفق المسطرة التي أقرها المؤتمر ، وليس من حق الرفيق قلش خرقها .
- الطعن في ترشيح مقدم في غياب ترشيحات أخرى ، يعني إدخال المؤتمر في متاهات أخرى ، إضافة لكون هذا الطعن لا أساس له قانونيا و تنظيميا و حتى أدبيا ، و مناضلات و مناضلو الأشتراكي الموحد يعون تماما موقعهم داخل هذه النقابة المناضلة ، و دورها الريادي في النضال الديموقراطي بكل استحقاقاته النقابية و الحزبية و السياسية ، داخل قاعة المؤتمر و خارجها .
- في الخلاصة العامة : ان هناك الثقافة النقابية و الأداة التنظيمية و إن شرط تقدم الثانية نحو المأسسة و العقلانية مرتبط بهيمنة البعد الثقافة النقابية الحداثية ، هذه هي وضعية الكدش حاليا ، دورنا إذن هو الدفع لحصول تناسب أكثر تقدما بين البعدين ، وهذا ما تعكسه المقررات التنظيمية الصادرة عن المؤتمر ، الإنتخاب المباشر و الأوراش ، أما المنتقدون فلهم " فضيلة " انتقاداتهم حقدا أو حبا أو تعاطفا مع الكدش ، و لنا فضيلة نجاح مؤتمرنا بكل نقائصه المقبولة و غير المقبولة  ولكل نازلة نوازل ، و لكل حادث حديث .

        محمد صلحيوي  
   مؤتمر عضو اللجنة الاداري
         للنقابة الوطنية للتعليم
                 كدش         

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire