samedi 17 juin 2017

حراك الريف؛ وجنون قطف ورود الوطن الحالمة




 مثلي مثل أي مواطن سوي أتابع أحداث الريف بشغف و ألتقط كل صغيرة وكبيرة من الإشارات المتقاطعة في كل الاتجاهات ، أتابع بشغف ليس فقط لأني ابن المنطقة ولكن لأن ما يحدث في هذا الجزء العزيز من أرض الوطن كشف منذ البداية أنه أكبر من الريف كمساحة جغرافية ونتائج حراك الريف ستطال كل الوطن إما إيجابا أو سلبا..
 
حتى قبل أيام قليلة كانت علاقتي بالحراك الريفي ، لا تتجاوز حالة الانفعال حزنا على ما يقع خاصة في ضوء تطور الأمور إلى موجة اعتقالات انتقامية تطال شبابا في عمر الزهور والدليل على أنها أي الاعتقالات انتقامية وتعسفية أن الدلائل عوض الواحد مئة تؤكد أن كثيرا من المعتقلين لا علاقة لهم من قريب أو بعيد للكم المخيف و المضحك في نفس الوقت من التهم التي كالوها لهم ، وخاصة تهم الانفصال و تلقي الدعم الخارجي ، توالت الاعتقالات وآلمتني بقسوة خاصة عندما أرى دموع الآباء و الأبناء ولكن خاصة دموع الأمهات ولكن ألمي كان مضاعفا و أنا أفاجئ بخبر اعتقال شاب مثل المرتضى أو شاب مثل إلياس ؛ وقد تتساءلون لماذا ، قد لا أستطيع الشرح فليست هناك علاقة شخصية تجمعني بهما ، لكني رأيت في اعتقالهما وهما الشخصيتان المتواجدتان على طرفي نقيض إلا أنهما رمزان لمستقبل وطن يسع الجميع واعتقالهما سجن لحلم هذا الوطن.
 
المرتضى ذالك الشاب المبتسم دائما ، العصامي التكوين ، والمستعد لمجادلتك في كل خرافات الدين وتفنيدها بسهولة وبكل الأدلة المتوفرة حتى ولو كانت لداروين ، حتى أنك قد تأخذك به الظنون ، كيف لشاب متدين وسلفي أن يفند كل هذه الأفكار المتطرفة التي يقذفنا بها علماء الدين صباح مساء على أنها من صميم الدين و أن يهاجمها بكل هذه السهولة واليسر محتفظا بابتسامته الخفيفة ، قد يكون مدعيا ولحيته المتوسطة هذه من لوازم الإدعاء فقط وليست من تدينه في شيئ ، لكنه يقنعك في النهاية ببساطته وهدوئه وحلمه في النقاش ، هذا الشاب أعتقل ووجهت له تهم تحت سقف قانون محاربة الإرهاب مخلفا زوجة حامل وأبوين لا حول ولا قوة لهم.
 
إلياس شخصية مختلفة صاحب التخصص الفلسفي في دراسته الجامعية والتي لا تدل عليها إلا احتفاظه بلحية يسارية يؤكد من خلالها توجهه الفكري ولكن ما يفاجئك فيه حسه الفني الراقي و الملتزم وإتقانه العزف على عدد من الآلات الموسيقية خاصة صديقه الحميم الغيثار ، عندما يكون في حضرته ينسلخ عن محيطه يناجي غيثاره بكلمات أغانيه الملتزمة سواء بالريفية أو الانجليزية ، ورغم ما يبدو عليه من مظاهر خادعة على انه شاب خامل مستسلم لواقعه إلا انه اعتقل وهو بصدد إجراء تدريب استعدادا لولوج مهن التربية.
 
هذان الشابان المعتقلين ضمن عشرات آخرين بالريف وكل ذنبهم أن رفعوا صوتهم أننا هنا نحلم بوطن آخر ، وطن يسعنا جميعا ونجد فيه جميعا مكانا تحت الشمس ، أثر فيا اعتقالهما لأنهما صورة الوطن الذي نحلم به واعتقالهما سجن لكامل الوطن وأحلامه.
 
الجنون الأمني الممارس بقطاف زهور الوطن ووضع خيرة شباب وشابات الوطن فقط لأنهم تجرؤوا على أن يحلموا بصوت عالي بوطن أفضل لنا جميعا ، وتسليط الألسن الخبيثة عليهم لنعتهم بأقبح النعوت والصفات وهم منها براء ، خسارة لكل الوطن وإهدار مجاني لحلم جميل لطيور هذا الوطن ، فمن يوقف هذا الجنون ويعيد للوطن اتزانه ولأحلام الوطن حريتها.
محمد الغول 
 mohamed_elghoul@hotmail.com

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire