mardi 19 mai 2020

الاشتراكية أو البربرية / جمال براجع



الاشتراكية أو البربرية

ما يزال صدى الشعار الذي اطلقته روزا لوكسمبورغ في مطلع القرن العشرين : "الاشتراكية او البربرية " مدويا الى الآن ،وخاصة مع الاستغلال والتدمير الهائل الذي أحدثته وتحدثه الرأسمالية المتوحشة للانسان والطبيعة و قيادة العالم نحو الهلاك والفناء من أجل الأرباح ومصالح حفنة من الرأسماليين الطفيليين .
وعندما أعلنت روزا هذا الشعار في مطلع القرن العشرين فإنها كانت تدرك بعمق ، بناءا على تحليلها الماركسي العميق لتناقضات الرأسمالية ونزوعها الامبريالي التدميري الذي تجسد بوضوح في الحرب الامبريالية 1914/1918 ،معناه ومغزاه الاستراتيجي.وهو ما نعيشه الآن من نتائج كارثية لسيطرة الرأسمالية في شكلها النيوليبرالي المتوحش الذي يهيمن فيه الرأسمال المالي الريعي الاحتكاري المعولم.
وبناءا على رؤيتها تلك و انطلاقا من قناعتها الماركسية تأسس وضوحها النظري والسياسي بأن لا طريق ثالث بين الرأسمالية والاشتراكية كما كانت تدعي " الاشتراكية الديمقراطية" الاصلاحية ومفكريها أمثال كاوتسكي, والتي كانت تعتقد بأمكانية إصلاح وأنسنة الرأسمالية من خلال تخليصها من نزعتها الاستغلالية والامبريالية ومن خلال مفهوم "التقدم المستقيم" والنظرية السلبية للتطور التي تبنتها .لذلك رأت روزا ان القضاء على الرأسمالية وبناء الاشتراكية هو خلاص الطبقة العاملة و الانسانية جمعاء.وهو ما وضحه لينين وخاصة في كتابه "الامبريالية اعلى مراحل الرأسمالية" وكتابه "ما العمل؟" الذي عرض فيه تصوره الثوري للتنظيم المتمثل في بناء الحزب البروليتاري منظم الطبقة العاملة وقائدها في صراعها من أجل التغيير الثوري والاستيلاء على السلطة السياسية كشرط لتسييد مشروعها الثوري الاشتراكي.
فالاشتراكية إذن ضرورة تاريخية.ولا أفق للبشرية بدونها إن ارادت البقاء والعيش في شروط عادلة وآمنة ،والا فإن مصيرها الموت والفناء .وهذا ما يتطلب من جميع القوى الماركسية تحمل مسؤولتها التاريخية في هذا المفترق التاريخي وعلى الخصوص من خلال:
-تجديد المشروع الاشتراكي بناءا على التحولات وخاصة الجارية في ارتباط بأزمات الرأسمالية و ازمة وباء كوفيد 19،وبناء على القراءة النقدية والموضوعية للتجارب الاشتراكية المطبقة وخصوصا تجارب الاتحاد السوفياتي والصين وكوبا والفيتنام وبأستلهام دروس التجارب المختلفة للشعوب والطبقة العاملة ولمختلف الفئات والحركات المناهضة للرأسمالية وللأنظمة الاستبدادية كما هو الشأن لتجارب السيرورات الثورية في المنطقة المغاربية والعالم العربي.
- توحيد نضالاتها وجهودها وطنيا وعالميا لتنظيم الطبقة العاملة وحلفاءها من فلاحين فقراء وجماهير كادحة عبر بناء الأحزاب الثورية والجبهات الشعبية، وتوجيه صراعها ضد الانظمة الرأسمالية الامبريالية لإنجاز مهام التحرر الوطني الديمقراطي الشعبي كمرحلة تفتح الطريق نحو الاشتراكية، أي نحو المجتمع الذي يوفرشروط تحكم المنتجين المباشرين الاحرار في إنتاجهم ومصيرهم وجعل خدمة الانسان وتوفير جميع شروط تقدمه وتفتحه وتحرره من الحاجةو الاستغلال والاستيلاب والاغتراب الغاية الاسمى، مما سيفتح الباب واسعا أمام الانتقال الى المجتمع الشيوعي .
جمال براجع
19ماي 2020.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire