samedi 28 mai 2022

بداية انحباس التهور الأوربي ولملمة جراح رصاصاته على قدميه / عذري مازغ

 


"سبقت عينه شهيته"، هذا المثل يتناسب تماما مع قوى الناتو في حربهم ضد روسيا، فرحوا بالإنتصار قبل تحقيقه واليوم تتوارد الأخبار لتؤكد أمورا كثيرة لم تكن مجدية، بدأ التهور الأوربي ينحبس ويلملم جراح رصاصاته على قدميه، هم قلة قليلة من الخبراء الاوربيون خصوصا الإقتصاديون هم من نبهوا بأن العقوبات الاقتصادية ضد روسيا غير مجدية وأنها رصاص على القدمين، في بداية الحرب فسر أحد الفرنسيين برسوم تأثير الحرب الاقتصادية على روسيا، حينها لم يظهر بعد رد فعل روسيا، وموضوعيا، كان هذا الاقتصادي قد اثار أسئلة دون ان يتطرق إلى تحليلها تحليلا يخرج إلى خلاصات، اعتمد قاعدة تمحط الدولار في العلاقات الدولية في ارتباطها بالابناك العالمية ومنها الروسية وعلاقة ذلك بالتجارة الدولية ونظام السويفت وما إلى ذلك وطبيعي أنه شرح العمليات الاقتصادية كما كانت تتم في العلاقات الدولية ليصل إلى جمود الاقتصاد الروسي، ثم يطرح اسئلة مشروعة ويجيب عنها كونه ليس متأكدا من جواب مقنع، كان تحليله يهدف إلى شرح كيف توقف الحرب الاقتصادية الروس من خلال تأثيرها على الصناعة العسكرية الروسية: كل صناعة عسكرية وإن كانت بماركة دولة معينة فهي صناعة تمزج فيها تقنيات وفنيات مستوردة بمعنى ان آلة معينة وإن كانت هندسيا وفنيا من صنع علماء في بلد معين فهي آلة تعتمد في وظائفها على آليات فنية وتقنية مستوردة من بلدان أخرى وليست حصرا على البلد الصانع، بهذا المنطق فإن العقوبات الاقتصادية لها أثر كبير في تعطيل هذه الآليات، لكن هذه الفكرة تنم عن غرور مقدس ل"أنا" خاصة ضدا على الآخر لو اعتمدنا فقط نظرية التعطيل الصناعي، فهذه التقنيات المتنوعة الفنية ليست حصرا على كتلة معينة فقط، بل هناك آليات في مركز هذه ال"أنا" لا تعمل بدون وظائف فنية وتقنية مستوردة ايضا من روسيا فالكثير من المعامل النووية الأوربية لإنتاج الطاقة تعمل على اليورانيوم المخصب الروسي (وهناك تحليلات مفصلية للامر في غوغل حول الأمر بشكل مدعم بارقام وإحصائيات تشرح لماذا اليورانيوم المخصب الروسي وليس غيره) ولو أرادت روسيا حرق كل الأوراق لبدأت بهذا الأمر وهو امر أكثر خطورة من الغاز الروسي لان الطاقة النووية في أوربا تغطي نسبة مهمة اكثر من نسبة الغاز الروسي في إنتاج الطاقة)، لكن المسألة ليست بهذه البساطة، وحين يصل المحلل إلى هذه المسألة يصمت فيعود إلى الدولار وعلاقاته بالعملات العالمية الاخرى التي في سياقها يمكن لروسيا أن تتلاعب في احتواء العقوبات اعتماد على الخبرة الإيرانية في هذا المجال: فتح حسابات بأسماء أشخاص غير روسيين حتى، المقايضة بدون عملة وغير ذلك وهي أمور تقليدية تعطل وتيرة التبادل: تكلم التحليل على دور الذهب لكن تناوله في سياق تلك العملية التي يتناولها رفيق أردني سابق حول تدهور القيم الاقتصادية اعتمادا على ورقة نقدية بدون تغطية في السبعينات من القرن الماضي ليعلن عن موت الإشتراكية والشيوعية و(نهاية التاريخ، أقصد هنا المرحوم فؤاد النمري).
الكثير من خبراء الإقتصاد من روسيا يثيرون هم الآخرون مسألة إنتاج نقود بدون تغطية لكن بشكل مختلف عن المحلل الماركسي الأردني، فالروس يشرحون لماذا الرفاه في الغرب هو سرقة لمجهود آخرين يصنعون ثروة الاقتصاد الحقيقي من خلال التوهيمات النقدية للدولار: شرء أوراق نقدية غير مغطاة وتعويمها في الاقتصاد العالمي من خلال التعاملات الاقتصادية العالمية. معناه ان الدولار ذي قيمة غير مؤسسة على أساس قيم حقيقية للاقتصاد، لكن من خلال تعويمه العالمي يصبح سلطة في يد أمريكا وحلفائها وهذا ما حاولت شرحه في مقال سابق: إن قيمة ما ينتجه عامل منجمي في منجم مغربي هي نفس القيمة التي ينتجها عامل منجمي بالسويد لكن قيمة هذا العمل النقدية متفاوتة بشكل غير مفهوم حين يتعلق الأمر بصرف العملة والحاصل أن العامل المغربي أنتج نفس الكمية مثل العامل السويدي لكن بقيمة نقدية مختلفة بشكل يطرح السؤال التالي: لمذا نفس الكمية من نفس المعدن في السويد قيمتها على مستوى أجور العمال مختلفة والجواب هو أن قيمة العمل هي المتفاوتة مقارنة بقيمة النقد بين السويد والمغرب وليس قيمة المعدن ونوعه أو قيمة العامل، نفس العمل مقيم بطرق متفاوتة اعتمادا على خرافة النقد، وطبعا يمكن ربط الأمور بالعرض والطلب وسوق الشغل وغير ذلك، لكن يبقى الأمر مختلا يعبر عن شكل من الاستغلال بين الشمال والجنوب.
مالذي يحصل الآن حين فرضت روسيا التعامل في المبادلات مع عملتها الوطنية؟
تحليل الإقتصادي الفرنسي لم يتطرق للأمر لانه ببساطة، برغم أنه في الفيديو يعرض خلفه صورة ماركس وماركسييين آخرين (وشخصيا لا ألومه وربما كانت خلفيته فقط هو شرح كيف ستتأثرالعقوبات على روسيا، بل ترك الامر لردود الفعل الروسية ليجيب عنها فيما بعد، فيما بعد ساعرض رابط الفيديو باللغة الفرنسية).
الآن، حصلت ثورة في الإقتصاد العالمي، بدأ الاقتصاد العالمي يسترجع قيمته الحقيقية في التعاملات، عاد ليرجح قيمة الذهب في التعاملات وهذه ضربة للاقتصاد الغربي الذي استنزف الموارد الطبيعية في العالم بغش عارم معتمدا على أوراقه النقدية غير المغطاة بالقيم الحقيقية للاقتصاد.
سابقا وبالحدس كما قلت في مقال سابق لم أعر أي اهتمام للعقوبات الاقتصادية على روسيا: كنا نفهم ان العقوبات الاقتصادية هي عملية تجويع شعب ليثور على نظام الحكم المسيطر عليه: عملية إنتاج مختبر إرهابيين لأجل خلق غياب الاستقرار، يقول السوسيولوجيون بأن الإرهاب هو نتيجة ظروف اجتماعية لفئات مهمشة اجتماعيا وهذا صحيح (إذا اردت تدمير دولة وخلق مجتمع غرهابي بها جوعها، نفس سياسة جوع كلبك يتبعك) تجويع دولة هو عملية تسريع لخلق هذه النماذج، لنتفق على هذا، ذلك ايضا كان هو القصد من عملية العقوبات الاقتصادية حول إيران وبعدها روسيا بفارق تفاوتي: النظرية السوسيولوجية هذه تستند موضوعيا إلى رادع في القوة العسكرية، لهذا ارتكز الغرب على تحريم، إيران من الأسلحة الرادعة، على العكس من روسيا: الرادع النووي الروسي يحتم مبدأ التشريع: إذا كان الغرب يستند في عقوباته ضد روسيا إلى لتشريع القانوني، تشريع برلمانيي هذه الدول وهم في الغالب رءوس بدون ذاكرة تاريخية كما قلت في مقال سابق (لا حظوا هذا: مؤسسات تشريعية أوربية وأمريكية تشرعن قوانين في فرض عقوبات اقتصادية على روسيا، تمنع كل دول العالم للتعامل مع روسيا، افتراضا هكذا يتصور الأمر، فالعالم مهيمن عليه وعليه الخضوع، هذا على المستوى النظري.. لكن الأمر ليس كما يتوهمه الغرب: كل الدول التي تمتلك سلاح الردع كالهند والصين ودول اخرى لها موقف مناقض، روسيا أيضا تستطيع تشريع قوانين لها قوة النفاذ انطلاقا من قوتها الردعية، روسيا احترمت التشريعات الأوربية لكن في سياق خاص: "أحترم عقوباتكم الشرعية ، لكن انا أيضا لدي مؤسسات تشريع: عليكم الدفع بالعملة الوطنية الروسية أو بالذهب باعتباره قيمة عالمية، والحال أن الروبل استند في التعاملات الروسية على الذهب وليس على العملات النقدية العالمية، بمعنى: "إشتري الروبل او اشتري الذهب للتابادل معي".
سأعود إلى الحدس: بكل صدق اومن بالإقتصاد الحقيقي وليس اقتصاد الدولار او الوان او اليورو او الين، بالحدس أومن بان هناك خلل: ما انتجه كعامل بالمغرب هو نفسه بكميات متفاوتة ما ينتجه عامل أمريكي، لكن لا أفهم عملية ان لعمله قيمة اكثر من عملي ويخطر ببالي أننا عبيد في القرن الواحد والعشرين، لكن ليس هذا ما اريد قوله بالحدس: لو تعلق الأمر بالتجويع فقط دون الخلفيات الاقتصادية الاخرى التي اشرنا إليها فإن اقتصاد روسيا من خلال اتحاداتها هو اقتصاد متكامل بشكل لن يفكروا أصلا في التعاملات مع الغرب ، لكن المحلل الفرنسي حول الأمر إلى مسألة تعطيل الصناعة العسكرية بروسيا وهو تحليل ميكانيكي بحت "تسبق فيه العين الشهية" ينتصر فيها الغرب في حرب لم تنتهي وقبل أنتبدا أصلا: حماسة العم "صام" هي من بدا الحرب بفضل أقماره الإصطناعية : امريكا هي من بشر بغزو أوكرانيا وليس روسيا والعملية تنم عن مكر تاريخي: "البادئ اظلم"، هي خدعة عسكرية لتعطيل البدأ الروسي: الباديء هو من يتجهز وهذه هي ذريعة امريكا في كل حروبها التي انتصرت فيها في هوليود فقط: الحرب الاستباقية.
الأمن القومي وهو شعار الولايات المتحدة: يعني ببساطة ان الحرب الاقتصادية هي حرب عسكرية والعقوبات الاقتصادية هي مس بالأمن القومي لشعوب اخرى (الامن الغذائي)، يجب تذكير الولايات المتحدة بشعاراتها. هكذا هي لغة الردع.
الولايات المتحدة، بشكل ديموقراطي انتخبت بايدن: بايدن الذي في واقعه يسهوا كثيرا، يطلق تصريحات فيصححها له البانتاغون أو وزراة الخارجية.
كيسينجر الكهل بدا أكثر واقعية من بايدن، الحقية: لا يعرف عنه سهوه برغم أنه دخل إلى المئة من عمره وهو سياسيا كان أمكر الماكرين .
رابط الفيديو الذي تناولته بالنقد:

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire