samedi 21 avril 2018

رسالة المعتقل السياسي محمد جلول باسم جميع رفاقه المعتقلين السياسيين لحراك الريف





الرسالة التي أرسلها المعتقل السياسي محمد جلول باسم جميع رفاقه المعتقلين السياسيين لحراك الريف

تحية عالية من أعماق القلب إليكم وعبركم إلى كل أهلنا ببلاد المهجر. تحية عالية للجميع إناثا وذكورا، وأطفالا، شبابا، نساء، ورجلا وشيوخا. تحية عالية على نضالاتكم ومجهوداتكم التي تبذلونها في سبيل إطلاق سراح المعتقلين وفي سبيل حقنا في العيش الكريم في أرضنا. أحييكم عاليا على وحدة صفكم وعلى تلاحمكم الذي ما فتئتم تعبرون عنه مؤخرا في مختلف الأوقات والمناسبات، وهذا إن كان يدل على شيء فإنما يدل على صحوة في الوعي لدى الريفيين بقضاياهم الجماعية ومصيرهم المشترك: الوعي بأن قوتنا وإثبات وجودنا وتحقيق مطالبنا العادلة والمشروعة لا سبيل إلى تحقيقها إلا بالوحدة والتضامن والنضال، وأن أسباب ضعفنا ومعاناتنا هي في تشتتنا وتفرقتنا حيث كل واحد يعاني بوحده منعزلا، ولقد جربنا هذا الأمر خلال السنوات الماضية حيث عشنا متشتتين ومتفرقين في الداخل والخارج كما لو أننا لا شيء يجمع بيننا وكان لا أحد يأبه بنا أو يهتم بنا، كنا عبارة عن نكرة بين بقية شعوب العالم وكنا نعاني كثيرا ولكن لم يكن أحد يسمع لشكوانا ولا أحد يهتم بمعاناتنا لأننا كنا مشتتين ومتفرقين وكان كل واحد يسعى إلى البحث عن حل لمشاكله الخاصة ولكن ذلك لا ينجح أبدا لأنه كلما وجدنا حل لمشكلة تظهر مشاكل عديدة أخرى ولا تتحقق السعادة التي نطمح إليها.
اليوم أظن أنه بدأنا ندرك أن سعادتنا وسبيل إيجاد حل لمشاكلنا يبدأ باتحادنا وتآزرنا وتضامننا مع بعضنا البعض كأسرة واحدة كلنا، إخوانا وأخوات، وكل الأمهات أمهاتنا، وكل الآباء هم آباؤنا، وكل الأجداد هم أجدادنا، وكل الجدات هن جداتنا، وكل الأطفال هم أبناؤنا، متضامنين متآزرين متراحمين متحابين تتشارك أفراحنا وأحزاننا، ما يؤلم الواحد منا يؤلمنا جميعا، وما يفرح الواحد منا يفرحنا جميعا. هذا هو المجتمع الذي نطمح أن نكونه لأن قضيتنا واحدة ومصيرنا مشترك.
إخواني أخواتي أحبائي في بلاد المهجر، أنتم جزء منا ونحن جزء منكم، فرقت بيننا سياسات الإقصاء والتهميش والحكرة التي أرغمت الكثير من أبناء شعبنا على الهجرة بحثا عن اللجوء أو مورد رزق من أجل إنقاذ عائلاتهم من براثن الفقر والحرمان في وطننا الذي أصبحنا فيه غرباء للأسف. نحرم من حقنا في التنمية ومن حقنا في ممارسة ثقافتنا الأصيلة ويتم طمس تاريخنا وذاكرتنا الجماعية ويتم حرماننا من مواردنا ومن بينها الموارد الهائلة التي تساهمون بها أنتم في خزينة الدولة. 
إخواني أخواتي أحبائي، إنه عندما كان الوطن تحت نير الإستعمار ومحتاج لمن يدافع عن حرمته وحوزته كان الريفيين والمتمثلين في أجدادنا في طليعة من لبى نداء الوطن وقد قدموا ضريبة غالية، قدموا الغالي والنفيس في سبيل حرية الوطن وصون كرامته، تعرضوا لكل أشكال جرائم الحرب والانتهاكات والتي بلغت حدود الحرب الكيماوية والإبادة الجماعية وإقحام الآلاف من شبابنا آنذاك (180.000 شاب) في الحرب الأهلية الإسبانية ومازالت تبعات هذه الجرائم مستمرة إلى يومنا هذا.
إخواني أخواتي أحبائي إنه بعد 1956 وقد استبشر أجدادنا خيرا بجلاء القوات الاستعمارية حالمين بعهد جديد يجنون فيه ثمار الحرية إذ يجدون أنفسهم تحت ظروف أكثر قساوة من الأوضاع التي كان يفرضها الاحتلال الأجنبي في ظل القهر والحرمان والإقصاء الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، حيث مارس المخزن على أجدادنا مختلف أنواع التنكيل والإقصاء والتهميش وصل أوجه خاصة بعد قيام ثورة 58/59 التي طالب من خلالها أهلنا بإعادة الاعتبار للمنطقة وحقهم في التنمية حيث تدخل الجيش المغربي بكل ثقله مرتكبا أبشع الجرائم الإنسانية في حق أجدادنا: بقر بطون الحوامل، اغتصابات، قتل، تنكيل، إحراق المحاصيل الزراعية، اقتحام البيوت والحرمات، استباحة أعراض الناس: مازالت صيحات وصدى أنين وآلام وعذابات أجدادنا وجداتنا تتردد في أذهاننا، مازالت تلك الصيحات تسكن داخلنا وتقض مضاجعنا، كيف يمكن أن تنسى؟
وبعد هذا التاريخ سيعيش الريف فصولا من الإقصاء والتهميش والتنكيل الممنهج، تركت المنطقة في حالة يرثى لها وأرغمت الآلاف والآلاف من أبناء شعبنا على مغادرة أرضهم نحو بلاد المهجر.
إخواني أخواتي أحبائي، إن ما يحدث اليوم لا يختلف عن الأمس. المئات من المعتقلين واستمرار الاعتقالات والمضايقات في حق أبناء شعبنا كان ذنبهم الوحيد أنهم استنكروا أوضاع الحكرة والإقصاء والتهميش الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وطالبوا بحقهم في التنمية وحقوقهم الثقافية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على استمرار نفس السياسات التقليدية للدولة المخزنية إزاء المنطقة المتمثل في العقاب الجماعي والحصار التاريخي ويدحض شعارات الإنصاف والمصالحة وإعادة الاعتبار للمنطقة التي لطالما تغنت بها.
إخواني أخواتي، لن نيأس ولن نفقد الأمل في غد أفضل من أجل وطن يتسع للجميع، يجد فيه الريفيون حقهم في العيش الكريم وحقهم في الوجود الثقافي إلى جانب مختلف المكونات الجهوية الأخرى للوطن المراكشي الكبير. 
إننا إخواني أخواتي أحبائي لا نطالب إلا بحقوقنا ولا نبغي أو نريد إقصاء أحد في سعينا النضالي بل عكس ذلك نحترم حق جميع الآخرين في الوجود وشكل الوجود مهما كانت ثقافاتهم ومهما كانت عقائدهم سواء في إطار المشترك الوطني أو في إطار المشترك الإنساني الكوني. 
إننا إخواني أخواتي أحبابي يجب أن نلتزم الأخلاق والتواضع في سعينا النضالي وفي كل سلوكاتنا ومجالات حياتنا، فلا يجب أبدا أن نحس بالعجب أو ندعي أننا أفضل من الآخرين، ولا يجب أن نحتقر أحدا مهما كانت ثقافته ومهما كانت ديانته، ويجب أن ننبذ الكراهية والتعصب العرقي والديني مصداقا لقوله تعالى "ولكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا فاستبقوا الخيرات وسيحكم الله بما كنتم تختلفون فيه يوم القيامة" والله وحده من لديه الحق في الحكم فيما يتعلق بالعقيدة والإيمان. 
إننا يجب أن نلتزم بالاحترام المتبادل مع بعضنا البعض ونحترم اختلافاتنا فالاختلاف رحمة ولا يجب أن يكون الاختلاف أبدا سببا للخلاف والصراع، وسببا في التفرقة بيننا، كما أن السب والقذف ليس من شيم المجتمعات الراقية. 
وأخيرا وليس آخرا، نؤكد على الوحدة والتضامن والتآزر والتماسك والتراحم بين بعضنا البعض لأن هذا هو أساس قوتنا وسبيل تحقيق مطالبنا العادلة والمشروعة، وهذا التضامن والتآزر هو الذي يذكي النضال والصمود فينا ويجعلنا نهزم السجون بل وحتى الموت.
تحية نضالية عالية، وما ضاع حق وراءه مطالب.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire