dimanche 8 avril 2018

الرَّدُّ على خطاب تهريب الشعر والشعراء


خالد الريسوني

لا أريد في فسحة الرَّدِّ على أحد الخطابات البئيسة المتباكية عن التهريب، تهريب البشر والأسلحة الخشبية، تهريب الشعر والشعراء كأن الشعر مادة قابل للاشتعال والتفجير و كما لو أن الشعراء تحولوا إلى مجرد دمى أو أشياء عند هؤلاء...
 أنا لا أرغبُ أن أُبْعِدَ عني أو عن غيري، وأقصدُ المنظمين للمهرجان الشعري لآسفي أي تهمة، إن كان ثمة تهمة أصلا، إذ ليس ثمَّة ما يستوجبُ حتى عناءَ الرَّدِّ، فأنا مجرد عضو في هيئة استشارية لمؤسسة الكلمة التي تنظم المهرجان والرحلة الشعرية التي تعقبه، ولكن مادام الأمرُ قد أثيرَ على الفايسبوك بشكل يوحي بأن هناك اتهامات لأشخاص أو جهات بأنها قد قامت بتهريب الشعراء، فهذا يحسسني بأني مقصودٌ بمثل هذا الكلام، وهو ما يدفعني لكي أوضح بعض الالتباسات في خطاب الرجل الذي كاد أن يجنّ لأنه لم يقدم طقوس الولاء والطاعة كما يليق بعبْدٍ، أنا أسألُهُ أين تمَّ تهريبُ الشعراء؟ ومن المسؤول عن برمجة أنشطة الشعراء خلال الرحلة الشعرية؟ فالشخص الذي يتحدث عن التهريب حاول أن يفرض نفسه متعهد حفلات ومنظما لأنشطة موازية لا علاقة له بها لا من قريب ولا من بعيد، وهو ما يعتبر من الناحية الأخلاقية عملية قرصنة واختطاف، وقد بدأ محاولته هذه والمهرجان بعد ما زال لم ينطلق من آسفي في رحلته، إذ اتصل الشخص المعني بأحد الشعراء وربما بِعَددٍ منهم، واقترح عليه (م) أن ينظم له (م) لقاء شعريا بمندوبية الثقافة باسم جمعية تسمى جمعية الأسوار أو الأعمدة... أو لا أذكر بالتحديد ما اسمها...
 المنظمون الذين يعرفون جيدا هذا "التريتور" وسوابقه في التطبيع الثقافي مع جهات صهيونية، تجاهلوا الأمر وتركوا الأمور تسيرُ بشكل لا يوحي بأنهم يعرفون نوايا هذا السمسار الثقافي المشهور في المنطقة، واعتقَدَ صاحبنا طبعا أنه فاز بمَغْنَمٍ -نحن نعرف خلافا لما يعتقد هو بالدوافع الحقيقية التي تقف خلف محاولته اليائسة لتنظيم أمسية أونشاط لهذا الشاعر دون ذاك، مع حفنة أصدقائه من المجموعة الضئيلة العدد، مع احترامنا لهم كجماعة اربما تحتضن إشعاع الأقلية الكثيفة حسب تعبير خوان رامون خيمينيث واعتقاد صاحبنا، فهو يحرك هذه الجماعة وفق مصالحه وحاجاته وأهدافه المعلنة والمكتومة، ويقدم مقترحاته على أنها مقترحات الجماعة فيعبئهم ويجندهم أحيانا للدفاع عن سلوكاته المتهورة والخرقاء، هذا الرجل الذكي -الأكاديمي العمودي شعراً ورؤية وتسطيحاً، الناقل سلخا ومسخا ونسخاً، المترجم من العربية إلى العربية لعدد لا يحصى من الأعمال الإسبانية، العلامة الفهامة دهاء واحتيالا ونصبا ورفعا وجرا- أراد أن يتيمن ويُسْلِمَ قرابينه لآلهة الهبات باغتصاب نشاط عنوة ودون أن ينفق عليه من جيبه أو جيوب جمعيته إلا إعلانا على الفايسبوك، وطلبا يخطه للحصول على قاعة مندوبية وزارة الثقافة مجانا، والمغفلون حسب رأيه النشاز: مؤسسة الكلمة للثقافة والفنون بآسفي التي تنظم المهرجان والرحلة الشعرية وشركاؤها الذين من المفروض أنهم سيتحملون جزءا أساسيا من مصاريف الإقامة والتغذية والسفر الشعري... 
لكن المؤسسة كان لها رأي آخر على ما يبدو، وهو ما لم يكن في حسبان صديقنا، قمر زمانه ووحيد قرنه، رئيس المؤسسة وكالعادة عمم على المشاركين ورقة الطريق بالنسبة للرحلة التي تحدد برنامج الرحلة وشروط الإقامة، ومسؤوليات المؤسسة تجاه الشعراء المشاركين، وتجاه الشركاء الذين تحملوا عن طواعية جزءا أساسيا من المصاريف الاستثنائية للسفر الشعري، وأحد هذه المسؤوليات عدم القيام بأي نشاط مواز لبرنامج أنشطة الرحلة التي يتكفل بتنظيمها الشركاء، وهذا لم يتم فرضه على الشعراء عنوة، بل باقتناع وبرغبة مشتركة بين الجميع وبروح مسؤولية عالية، قبل تنظيم الرحلة بأشهرٍ طرقنا في طنجة أبواب جميع الجمعيات الجادة والمسؤولة لكي تكون شريكا وتتحمل بعض المصاريف الناتجة عن الرحلة من آسفي إلى طنجة والإقامة في الفندق وتغذية الشعراء، ولم تستطع أي جمعية أن تستجيب لهذا الالتماس، والجهة التي كانت مستعدة لتحمل المصاريف لا يعقل أن تتم قرصنة الشعراء منها واختطافهم لكي يقوموا لصالح جمعية الأسوار والأعمدة والأرباض بنشاط مواز بصفر درهم، إنه درس في المسؤولية والالتزام والاحترام والتقدير للآخر، هذا الانتهازي الذي فشل في تهريب شاعر بعينه تزلفا ورياء وتملقا -ومع كل الأسف نحن نعرف وأنتم تعرفون لماذا فعل ذلك؟ والعارف لا يُعرَّفُ- طلع علينا في الفايسبوك ببيان قزم مثل صاحبه يهين الشعر والشعراء يقول: ليس الشِّعر وحدَه ما يُهرَّب... فالشّعراءُ يُهَرَّبون أيضا.
 ما أبشع مثل هذه الأوصاف للشعر والشعراء، ومن يؤمن بمثل هذا الرأي من المؤكد ألا يكون شاعر، بل بوقا للمديح والنفاق والمداهنة والبحث عن المكاسب الريعية، بل إن روحه استأنست بالفساد، ولا أحتاج هنا أن أُذَكِّرَهُ كيف مارس الإقصاء على الباحثين الراغبين في المشاركة في ندوة ما نظمها هو والمؤسسة التعليمية التي يشتغل بها، ثم إن ما أعرفه بالمعاينة هو أنه جالَس الشاعر الذي أراد أن ينظم له النشاط الموازي في ليلة طنجية، كما أتى لرؤية شاعر آخر ألماني وتواصل معه، وقد أتت أيضا شاعرة مغربية والتقت أصدقاءها على أحسن ما يُرام في المقهى المقابل لفندق رامبراندت وآخرين لا أريد أن أعدِّدهم في هذه العجالة... أن يلتقي أصدقاءه، هذا من حقه ومن حق الجميع، يمكنك أن تلتقي أصدقاءك من الشعراء وحتى أن تأخذهم إلى بيتك وتحتفي بهم وتكرمهم لكن دون أن تقوم بعملية القرصنة والاختطاف، بأن تنظم نشاطا لهذا الشاعر أو ذاك على حساب من تحمل مسؤولية التنظيم....
 والآن أنا أسأل من المهرب الحقيقي للشعراء؟ أليس ذاك الذي يريد أن ينظم نشاطا بشكل انتهازي على حساب الآخرين بصفر درهم؟ أريد أن أسمع رأيَ وحُكْمَ جميع الأصدقاء وحتى الخصوم وإذا لم تكن الأمور كما وضحتُ فأنا أنتظر من صاحبنا يكذب ما أقول...

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire