mardi 30 septembre 2014

إكراهات سوق عيد الأضحى بطنجة وصعوبة اقتناء الأضحية




لم يتبق من الأيام التي تفصلنا عن عيد الأضحى لسنة 1435 ه  موافق 2014 م إلا  خمسة أيام بالتمام والكمال ، ومع ذلك تظل مظاهر العيد شبه غائبة عن المدينة مقارنة بالسنوات السابقة  لعدة عوامل وأسباب  يتحمل مسؤوليتها المجلس الجماعي بطنجة . وفي مقدمتها التأخير الحاصل في الإعلان عن افتتاح السوق الذي انطلق منذ أسبوعين فقط  من خلال إصدار المجلس لقرار مؤرخ في 15 شتنبر 2014  ينص على منع  بيع الأغنام  داخل المستودعات الخاصة وخارج سوق الماشية بمنطقة بوخالف . وقد كان لهذا القرار وقع سيئ على الكسابة والتجار الذين يتوافدون على سوق طنجة في فترات مبكرة ويكترون المستودعات داخل الأحياء من أجل إيواء القطيع، وكذلك الشروع مبكرا في عملية البيع وعرض المنتوج. حيث لجأ البعض منهم إلى سحب أغنامه من السوق  ومغادرة الإقليم،  كما عدل الكثير عن النزول إلى طنجة بعد علمه بالمضايقات التي يتعرض لها التجار الذين يتواجدون خارج السوق وداخل المستودعات التي تم كراؤها .  وقد وصل الأمر إلى حد القيام بحجز بعض الخرفان لممارسة الضغط على الكسابة ومنعهم من فتح المحلات للبيع . وتشبثت السلطات بتنفيذ قرار المجلس خوفا من العرقلة والاختناق الذي يتعرض له الحي الذي يتميز بكثافة قوية للسكان ، وتواجد الحي الجامعي، ومستودع شركة النقل الحضري.. وقد كان المجلس قد أبدى عن تردده في فتح  سوق  بوخالف ، والتفكير في نقله إلى منطقة العوامة خلف المجمع الحسني من أجل الحد من الاكتظاظ ، وخصوصا  بعد أن أثير تحفظ شركة النقل الحضري من الصعوبات التي قد تعترض أسطولها  بسبب صعوبة المرور وعرقلة حركة السير داخل حي بوخالف . إلا أن تأخر المجلس في إحداث سوق جديد، وصعوبة اختيار مكان آخر، جعله  يعدل عن قراره  ويعود مرة أخرى إلى سوق بوخالف الذي تم إحداثه قبل ثلاث سنوات. وكان قد بدأ التفكير في توفير التجهيزات الخاصة من أجل ترسيم السوق ومركزته وتثبيت موقعه . لكن ذلك الحلم سيتبخر في نهاية المطاف ، لأن المجلس قد راهن على الحل السهل من خلال التعاقد مع شركة خاصة تتولى العمل على استغلال السوق بصفة مؤقتة واستخلاص مداخيله، مقابل توفير بنية مؤقتة للاستقبال تتضمن نصب الخيام التي تكترى بأثمان خيالية 2500/3000 درهم ،  وتوفير الإنارة والمرافق الصحية، وأماكن الوقوف ..لكن هذه الحلول تظل قاصرة في ظل تفجر المشاكل التي يعانيها التجار سنويا ، والتي جعلتهم هذه السنة يعدلون عن المجيئ بالكثافة المعهودة إلى طنجة التي تعد من الأسواق المهمة على الصعيد الوطني .. وقد اتضح في البداية أن السوق بعد افتتاحه ظل يشكو من انعدام الإنارة والماء الكافي ، والمرافق الصحية .. كما ظل المشكل الذي يؤرق التجار سنويا هو الخوف على رؤوس أغنامهم من السرقة في أماكن مكشوفة داخل الخيام التي نصبت وسط العراء ، حيث لا يتوفر سياج خارجي لمراقبة حركة الدخول والخروج، ولا تغطية أمنية كافية .. وكان ذلك هو السبب المباشر للإقبال على كراء المحلات التجارية والدور خارج السوق من أجل صيانة القطيع ومزاولة البيع في ظروف آمنة رغم غلاء تكلفة ثمن الكراء التي  يتحمل المستهلك  عبئها في النهاية.
هذا وقد كان مكتب فرع رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين  بمنطقة بوخالف  قد رفع رسالة إلى الجهات المعنية من أجل تدارك الموقف، وتفهم ظروف التجار والكسابة الذين يتوافدون على المنطقة من أجل توفير العرض الكافي والمساهمة في استقرار الأسعار. وقد نبه أكثر من مرة إلى ضرورة تسهيل المامورية أمام الباعة من أجل الدخول بكثافة إلى المدينة وتوفير العرض الكافي هذه السنة، مع عدم إلزامهم بالدخول إلى السوق غير المجهز وغير القادر على استيعاب مجموع عدد الرؤوس التي تفد على مدينة طنجة .. وقد عقد من أجل ذلك  لقاءات بالمسؤولين ، وعلى رأسهم الكاتب العام بالولاية،  ورئيس المجلس الجماعي -الذي قام بزيارة إلى المنطقة ووعد بتوفير الشروط الملائمة للسوق-،  ورئيس قسم الاقتصاد،  ورئيس الشؤون العامة. لكن تحفظ تلك الجهات ظل قائما، حيث تم التشبث بقرار منع البيع خارج السوق المذكور، وأكدت هذه الجهات أنها تتابع الوضع عن كثب ، وأنها على اتصال مستمر بجهات خارج الإقليم من أجل تتبع حركية السوق على الصعيد الوطني بهدف التدخل في الوقت المناسب والحيلولة دون وقوع الأزمة .. وقد انكشفت آثار هذا القرار بشكل ملموس منذ اليوم الأول لافتتاح السوق، واستمر الحال قائما إلى حد الساعة التي تميزت بقلة العرض والطلب معا رغم قرب يوم العيد الذي لا يظهر له أثر على مستوى تنقل مقتنايات الخرفان داخل المدينة .. ففي هذا الوقت من  كل سنة ، تكون نسبة كبيرة من الساكنة قد بادرت إلى شراء الأضحية ، فيعلو ثغاء الخرفان وسط الأحياء والطرقات، وتكثر الأنشطة التجارية المرتبطة بسوق العيد، كما ترتفع وتيرة الزيارات إلى السوق. فلا زالت حركية السوق جد عادية ومحدودة مقارنة بالسنوات السابقة ..  ويخشى أن  لا تدخل  رؤوس الماشية بالقدر الكافي إلى المنطقة ، مما سيساهم في الرفع من الأسعار التي تعد الآن جد مرتفعة والتي تتراوح بين 3000 و4500 درهم للخروف .. ويمكن ربط الفتور بعدم حلول موعد صرف الأجور الخاصة بالموظفين والمستخدمين .. وفي هذه الحالة سيزداد الإقبال على السوق ويرتفع الطلب ، لكن الخوف كل الخوف هو أن يكون الطلب أكثر من العرض، بالإضافة إلى تدخل الشناقة وكل أنواع الوسطاء الذين يلهبون السوق ، مما سيؤدي في النهاية إلى انعدام الجودة وارتفاع  الأسعار إلى مستويات خيالية قد تحرم العديد من الأسر من حقها في كبش الأضحية .. وعند هذه المحطة يحق للمجلس الجماعي أن يحظى بتهنئة العيد وحده بسبب تخبطه الذي ليس له نهاية  وسوء تدبيره  لهذا الملف..
 وكان مكتب فرع الرابطة قد بعث برسالتين في الموضوع ،الأولى  بتاريخ 17 شتنبر 2014  وهي تطالب العمدة  بإلغاء  القرار المقيد  لحرية سوق الماشية  الذي اعتبره -مكتب الرابطة -غير مناسب لكونه لم يراع  الظروف الملائمة  لنجاح سوق الماشية، ولكونه سيضر بساكنة طنجة بالدرجة الأولى. وحذر من انعكاساته السلبية على سوق الماشية .كما ذكر بسلسلة المشاكل التي يعرفها السوق كل عام بسبب سوء التدبير، وغياب البنيات المناسبة للاستقبال . أما الرسالة الثانية التي تم توجيهها إلى والي جهة طنجة بتاريخ 23/9/2014 فقد جاءت في صيغة نداء من أجل إنقاذ طنجة من أزمة حقيقية في رؤوس ماشية عيد الأضحى، وقد نبهت بدورها إلى محاذير تطبيق القرار 257 الموقع من طرف رئيس المجلس الجماعي بتاريخ 15/8/2014 وانعكاسه على سوق الماشية بطنجة. ولو كان المجلس قد تحمل  مسؤوليته منذ إحداثه لسوق الماشية في توفير التجهيزات وبنيات الاستقبال الضرورية، لما أصر تجار الماشية على الهروب من السوق واللجوء إلى كراء المحلات الخاصة بأثمان خيالية، ولما اضطروا للهروب أو النزوح عن سوق طنجة ..وللعلم فإن كل زيادة في النفقات الخاصة بأداء ثمن تكلفة السوق والإيواء والعلف واليد العاملة والحراسة  والتنقل يؤديها المستهلك في النهاية. ولهذا يمكن الجزم بأن المجلس بموقفه هذا ، لا يخدم مصلحة المستهلكين ولا يفكر في معاناتهم اليومية خلال هذه المناسبة.. وتبقى الأمنية هي أن يرتفع الإكراه القائم وتعود المياه إلى مجاريها لينعم الناس بظروف التخفيف فيحصلون على أضحية العيد بالثمن المناسب في آخر ساعة، وهو ما لا يمكن ضمانه إلا بوقوع معجزة.

                                                                    المكتب المركزي لرابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire