samedi 28 septembre 2019

ظروف زيارة معتقلي سجن طنجة2 /المحامية اسماء الوديع


المحامية اسماء الوديع تكتب:
أخيرا سوف يتأتى لي اليوم أن أنقل لكم ظروف الزيارة التي قمنا بها لمعتقلي سجن طنجة 2 وكيف اقتنع كريم بتعليق الإضراب عن الطعام...
وجدنا عند وصولنا إلى مدينة طنجة أنا و الأستاذ الفشتالي أحد أعضاء لجنة الدعم الأستاذ عثمان حلحول الذي اتصلنا به ونحن على متن القطار حيث أخذنا مباشرة بسيارته إلى السجن وكنا نحثه على الإسراع ، لم نترك له فرصة الرجوع إلى محكمة الاستئناف لحمل زملاء آخرين قرروا الذهاب إلى السجن بعد أن علموا بقدومنا ... كنا نسابق الزمن و كأننا على موعد خطير ....
وصلنا أخيرا إلى وجهتنا و بنفس درجة الإسراع طلبنا رؤية كريم أمغار أولا ....
مكثنا ننتظر على أحر من الجمر و بعد فترة خلتها دهرا رأينا شبحا يقترب منا ... كان متكئا على موظفين و يجر رجليه بصعوبة بالغة... كانت نظراته زائغة و لا لون لوجهه... مكثنا لحظة نحدق في الشبح ولم نجرؤ على الاقتراب منه أو السلام عليه ،، سحبت كرسيا و ساعدت الموظفين على إجلاسه عليه ثم بدأ سيل العتاب ....
كان الحديث معه شاقا في البداية ، عانقناه طويلا بحنو بالغ و عاتبناه عتابا شديد اللهجة و انطلقنا في إقناعه بكل الوسائل المتاحة ... كان يجيب بابتسامة باهتة أحيانا و تصميم غريب أحيانا أخرى .... كنا لا نزال في أخذ ورد معه ولو أنه بدأ يلين حينما دخل علينا الزملاء :ذة خديجة جنان و ذ الحنودي امحمد ،و ذ يونس عداب وكلهم من هيئة طنجة .
في تلك اللحظة بدا يفد علينا بقية المعتقلين و ليس كلهم ، ربيع و سليمان الفاحلي لم يحضرا مع الحاضرين و حينما تساءلنا عن السبب أخبرنا بقية المعتقلين أن الموظفين أخبروهم بأن الزائر هو لجنة عن المجلس الجهوي لحقوق الإنسان فلم يلبوا الطلب .... هناك طلبت من المسؤول أن يعود ليخبرهم بأسماء المحامين الذين حضروا لزيارتهم.
بعد فترة وجيزة كان ربيع و آخرون بيننا ....
مرة أخرى هجمنا على ربيع بوابل من العتاب و المؤاخذات و كان ربيع كعادته يجيب بابتسامته المعهودة و إصراره المعروف ..
كنا نتناوب على إقناعه فصار الشد والجذب و منطق الإقناع والاقتناع و التجاذب و حتى الصراخ أحينا ولم لا التهديد بعدم الرجوع مرة أخرى الى الزيارة ....ذكرناه بمعاناة والدته و رفاقه، ذكرناه بأن طريق النضال شاق وطويل وأن وفاته لا قدر الله لن تجدي نفعا ووووووووووو
توجهت إلى بقية المعتقلين، تبادلت معهم أطراف الحديث و أخبرتهم عن زيارتنا لسجن رأس الماء و عن النقاش الذي دار بيننا وبين نزلاء السجن المذكور ...
جلول والآخرين يبلغون سلامهم لكل المغاربة الأحرار و يتمنون الشفاء العاجل للأستاذ سعيد العمراني الذي تعرض لحادثة سير بعد مسيرة بروكسيل و يأملون في مواصلة مسيرته النضالية و يؤكدون تشبثهم ببراءتهم و عدالة قضيتهم و يطمحون إلى العيش في وطن يسع جميع أبنائه ....
التفت إلى حيث كان يجلس كريم فأومأ لي بالعودة إليه ليبلغني الرسالة التالية :
قد أستجيب لطلب تعليق الإضراب، ربما يوم الجمعة القادم ، نظرت إليه وكان الغضب باديا على ملامحي وقلت : لن أقبل بأقل من رفع الإضراب اليوم قبل غدا ...
أجابني بهدوء ... بلغني أن والدي المريض بكى حينما علم بالإضراب الذي أخوض ، أما ابنائي فقد تأثروا لما أخبرهم أصدقاؤهم في المدرسة أن والدهم مضرب عن الطعام وقد تحدث الكارثة ...زوجتي التي أحبها حبا لا يوصف تعيش حالة من القلق والخوف و التوتر ، عدد كبير من أصدقائي و أحد أخوالي الذي أكن له احتراما ومحبة خاصة ، كل من ناشدني من أبناء وبنات وطني ، والدتي التي حدثتها بالأمس عبر الهاتف كانت تقترب من الانهيار ...
هيئة دفاعي الذين أفخر بهم و أعزهم و أحترمهم وأسباب أخرى عديدة جعلتني أعيد النظر في هذا الأمر، لذلك أعدك بأن أعلق الإضراب ابتداءا من هذا اليوم... شرط أن تكون زوجتي أول من يعلم بالامر .....
و أنت يا ربيع ، ما قولك في فك الإضراب، ولم يكن قد استمع لما دار بيني وبين كريم ...فرد ، تعليق الإضراب عن الماء مشروط بتعليق كريم للإضراب عن الطعام... فقلت :
إوا صافي سير تشرب هههه ، نظر إلي باستغراب وكأنه لم يستوعب ما قلت له ... لم أضف شيئا .....
تحادثنا في النهاية مع بقية المعتقلين و تبادلنا الرأي حول العديد من القضايا و كانوا جميعا باستثناء المضربين عن الطعام و الماء في صحة جيدة و معنويات عالية .
ذهبنا رفقة الأستاذ الفشتالي إلى الإدارة لتفقد الكتب التي أحضرها للمعتقلين فوجئنا بأن هذه الأخيرة ترفض رفضا قاطعا إدخالها و حينما طلبنا مقابلة مع مدير المؤسسة للأستفسار حول هذا الموضوع قيل لنا بواسطة نائبه أن هذه هي التعليمات.....!
تركت الزملاء يناقشون الأمر مع المسؤول و توجهت مباشرة إلى الخارج ، استلمت هاتفي واتصلت بزوجة كريم السيدة سعاد أزف لها الخبر .... ثم أعلنت عن البشرى بعد أن بلغني إيقاف الإضراب عن الماء من طرف ربيع و تعليق إضراب سليمان الفاحلي ....
التحق بي بقية الزملاء فأخبرتهم بكل التفاصيل، لم يصدقوني في البداية و لكني أكدت لهم أن كريم كان يريد أن تكون زوجته أول من يعلم ... وكذلك كان .


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire