mardi 24 septembre 2013

تقرير المناخ الخامس

تقرير المناخ الخامس

حبيب معلوف

يُطلق اليوم التقرير الخامس الذي أعدته « الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ »، وهو التقرير الأكبر والأكثر شمولاً عن قضية تغير المناخ والاحترار العالمي وتداعياته المرتقبة وسبل مواجهته، المنتظر منذ العام 2007، تاريخ نشر التقرير الرابع الذي كان له الاثر الأكبر على تحديد اتجاهات قضية تغير المناخ والسياسات المطلوبة لتوجيه السياسات العالمية. يفترض أن يطلق اليوم الجزء الأول من هذا التقرير الذي يضم أربعة أجزاء وهو سيؤكد من جديد مسؤولية الإنسان عن الاحترار، فضلاً عن اشتداد بعض الظواهر المناخية القصوى وارتفاع إضافي في منسوب مياه البحار، بحسب ما تسرب عن التقرير حتى الآن.
بناء على ما حصل بعد تقرير العام 2007 المدوّي، لا يمكن التوقع بأثر كبير لهذا التقرير والعالم على ابواب الاجتماع الـ19 للدول الاطراف المعنية بتغير المناخ بعد اقل من شهرين في وارسو (بولندا) وقبل سنتين تقريباً من موعد انعقاد قمة باريس العام 2015، الموعد المحدد للاتفاق على اتفاقية عالمية جديدة تحل محل بروتوكول كيوتو. فبعد تقرير العام 2007 الذي اجمع فيه علماء العالم بنسبة 90% عن مسؤولية الانسان عن تغير المناخ، بالمقارنة مع التقرير الحالي الذي حصل على إجماع 95% من العلماء (250 عالماً)، لم يستطع زعماء العالم الذين اجتمعوا العام 2009 في كوبنهاغن ان يتقدموا اي خطوة باتجاه اتفاق عالمي ملزم لتخفيف الانبعاثات المسببة بتغير المناخ. ويأتي اجتماع وراسو هذا العام في ظل ظروف دولية بالغة في التعقيد، تخللتها أزمات اقتصادية في الدول المتقدمة تاريخياً، وصعود غير متوقع في مؤشرات النمو في البلدان النامية (أو الناشئة)، وبعد عودة روسيا الى الساحة الدولية، عبر البدء بالاعتراض في نهاية اجتماع العام الماضي في الدوحة، وعبر الاجتماعات التحضيرية التي عقدت خلال هذا العام، عندما طالب الروس بإعادة النظر بكل أسس التفاوض المعتمدة حول تغير المناخ.
شدد تقرير العام 2007 على ضرورة اتخاذ تدابير لاحتواء التغير المناخي بدرجتين مئويتين منذ الحقبة ما قبل الثورة الصناعية، وهو هدف اقرته الدول الاطراف (195 بلداً) الموقعة على الاتفاقية الإطارية لتغيّر المناخ تحت مظلة الأمم المتحدة، والذي تجاوزه الزمن وتجاوزته الظاهرة حتى ما عاد ممكناً تحقيقه. ويتوقع الخبراء أن يؤكد تقرير هذا العام أن واقع الاحترار قد تخطى درجة مئوية منذ بداية القرن العشرين.
كانت « الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ » قد فازت حين أصدرت تقريرها العام 2007 بجائزة نوبل للسلام بالتشارك مع نائب الرئيس الأميركي السابق آل غور، حين أصدر فيلمه عن تغير المناخ... إلا أن قمة كوبنهاغن في العام التالي فضحت الجميع، واظهرت ان العالم لا يزال بعيداً جداً عن الاهتمام الحقيقي بتغير المناخ، لاسيما اذا كان على حساب التخلي عن المنافسة في اقتصاد السوق.
وتقدّم الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في تقريرها الجديد أربع فرضيات محتملة لنهاية القرن تختلف باختلاف نسبة غازات الدفيئة المنبعثة إلى الغلاف الجوي. ومن شأن فرضية واحدة أن تسمح باحتواء الارتفاع دون درجتين مئويتين، في حين تتراوح شدة الاحترار في أسوأ الفرضيات بين 2,6 و4,8 درجات مئوية.
كلف آل غور بتقديم الجزء الاول من تقرير هذا العام، وهو الذي أكد منذ فترة وجيزة أن « الازمة قد تفاقمت » (منذ العام 2007)، معتبراً أن « الظواهر المناخية القصوى المرتبطة بالأزمة المناخية اشتدت وتزايدت بحيث بات يتعذر تجاهلها ». مع انه هو نفسه الذي اقترح قضية « بيع الكربون » كمخرج غير ملزم للمفاوضات التي عقدت العام 1997 وأضعفت بروتوكول كيوتو الشهير آنذاك !
من المرتقب نشر الجزءين التاليين من التقرير (المتمحورين على التداعيات المحتملة وسبل الحد منها) في ربيع العام 2014، مع خلاصة عامة تصدر في تشرين الثاني العام 2014، وتسعى الهيئة إلى تقديم تقرير كامل هذه المرة تحاول أن ترد فيه على الانتقادات السابقة التي طالت تقرير العام 2007 عندما لفت علماء مناخيون الانتباه إلى بعض الأخطاء التي أثرت على مصداقية الهيئة. وسيعتبر هذا التقرير أهم مرجع في العالم لهذه القضية، وسيكون له التأثير الحاسم في المفاوضات التحضيرية التي ستعقد هذا العام وحتى العام 2015، حين انعقاد قمة المناخ في باريس لإنتاج اتفاقية جديدة. فهل يكون تأثيره مشابهاً للتقارير التي سبقته، فتأخذه التغيرات المناخية الآتية (التي تنبّأ بها) في دربها؟

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire